المدينة الإنسانية.. والهروب إلى الجنون!

الأربعاء 21 من محرم 1447 هــ
العدد 50626
تفتق الذهن الإسرائيلى الشرير، والمرتبك، وغير القادر على فهم ما يحدث، وتحليل الحرب فى غزة، ومعرفة كيف يخرج من هذا المستنقع الذى يغرق فيه- إلى إنشاء ما أطلقوا عليه «مدينة إنسانية» على أنقاض رفح. المدينة، أو السجن المنتظر، تقام بين محورىّ فيلادلفيا وموراج، قرب الحدود المصرية، طبقا للخطة الإسرائيلية التى اقترحها وزير الدفاع الإسرائيلى كاتس، بإيعاز من نيتانياهو، أو ما يعرف بـ«خطة رفح»، لحبس 600 ألف فلسطينى فيها، ولا يُسمح بالخروج إلا للتهجير القسرى، حيث الخطة يصفها الخارج بـ«الجنون»، بل «الأوهام»، ورئيس الوزراء السابق أولمرت يصفها بأنها ليست مدينة، لأنها منطقة ليس بها بنية أساسية (لا كهرباء، ولا ماء)، والجيش الإسرائيلى يعبر عن استيائه، ورفضه، لأن ذلك معناه احتلال دائم لغزة لا يستطيع تحمله ، والكل مصدوم من الاقتراح الإسرائيلى، حتى ألمانيا، التى وقفت دائما فى صف إسرائيل، وصف مستشارها فريدريش ميرز إنشاء مدينة مخيمات على أنقاض غزة بأنه لا يمت للإنسانية بصلة، وطلب توضيحات من الحكومة الإسرائيلية عن خطة نيتانياهو، كما أن العالم كله هدد إسرائيل بوضوح قائلا إن أصدقاءها غير مستعدين لقبول ذلك الأمر، لأن إسرائيل تخوض حربا مروعة لم يعد هدفها واضحا، وتتخبط صورتها الآن، لأنها أمام معضلة غزة التى أصبحت شديدة الوطأة على أهلها أولا، وعلى المحتل ثانيا، حيث صار الموت فيها نمطا للحياة، وصار القرار متخبطا لإسرائيل، ومعها أمريكا، وأصبحت المجاعة بلاء عاما، وموت الأطفال يطارد المجرمين ويضعهم فى قفص الاتهام العالمى، وإذا كانت إسرائيل لا تريد أن تفهم، وتحلل ما هى فيه فيجب أن تسمح الآن بوضوح إلى أكثر الأصوات تعقلا، وهى قادمة تحديدا من أوروبا، وزعمائها الألمان، والفرنسيين، والبريطانيين، وهى التسوية الشاملة، وليس المعالجات الجزئية.
وأخيرا، غزة، وقضية فلسطين التحمتا، وأصبحتا شيئا واحدا، ويجب الاعتراف بالحق المشروع للفلسطينيين فى دولتهم على أرضهم، وأن تخرج إسرائيل فورا من غزة، والضفة الغربية، وتعترف بالدولة الفلسطينية، وتلك هى النتيجة الوحيدة التى أفرزتها أطول حرب فى تاريخ المنطقة بين العرب والفلسطينيين، والإسرائيليين، وهى لمصلحة إسرائيل مثل مصلحة الفلسطينيين، والعرب.