مأزق الرد وعدم الرد «1»

الثلاثاء 28 من ذي الحجة 1446 هــ
العدد 50604
رغم أن هناك من يعتقد أن الاختلافات بين الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو ليست سوى عملية تبادل أدوار أوقعت إيران فى فخ عدم توقع الضربات، ورغم وجود أسباب عديدة تبرر هذا الاعتقاد- فإن ذلك لا ينفى حقيقة اختلاف الموقفين الأمريكى والإسرائيلى من الضربة، سواء لجهة توقيتها أو مفاعيلها السياسية، وإن كانت ستضع الرئيس ترامب اليوم فى موقع الأقدر على الاستفادة منها، سواء فى سعيه لإعادة الإيرانيين إلى طاولة المفاوضات بوضع أضعف وشروط أصعب، أو لجهة إدارة علاقته مع نيتانياهو فى ملفات إقليمية عديدة، ستشمل القضية الفلسطينية والوضع السورى، وقد أعلنها ترامب وقال إن الضربات الجوية الأمريكية دمرت بشكل تام وكامل المنشآت النووية الإيرانية المستهدفة، وهدد بشن المزيد من الهجمات إذا لم تذهب طهران إلى المفاوضات. أعتقد أن أغلبية الشعب الأمريكى تعارض تورط الولايات المتحدة مرة أخرى فى حرب جديدة بالشرق الأوسط، كما أن هناك انقساما طبعا بين الديمقراطيين والجمهوريين فى الكونجرس، باستثناء صوت أو صوتين جمهوريين على الأكثر انتقدا القرار العسكرى، واعتبراه غير دستورى، لكن يُعتقد أنه إذا لم ترد إيران بشكل شامل، كما يتوقع الكثيرون هنا، فإن ترامب يستطيع أن يقول إنه أنقذ الشرق الأوسط من البرنامج النووى الإيرانى، وخطاب ترامب فيه مد اليد لإيران لاستئناف المفاوضات، والتوصل إلى اتفاق نووى جديد، وبالطبع وفقا لشروطه، وقد ظهر هذا جليا بعد أن هدد قائلا إذا لم تفعل إيران ذلك فإن هناك أداة إضافية يمكن استخدامها، وقتها سيكون ضربها سهلا، بمعنى آخر هو يقول للإيرانيين إن إيران باتت بيتا بلا سقف. وأخيرا، فإن الوضع السياسى فى التحليل الأمريكى الآن هو أن النظام داخل إيران يواجه أسوأ مرحلة منذ ثورة 1979 الإسلامية، وأى ضربة عسكرية إيرانية ضد القوات الأمريكية فى الخليج سوف ترد عليها الولايات المتحدة بقوة كبيرة، وبالطبع فإن هذه المرحلة هى الأكثر خطورة، ومن المعتقد أن القيادة الإيرانية قبل أن ترد، إن كان بشكل مكثف أو رمزى، سوف تفكر كثيرا فى مضاعفات أى رد.
وغدا نكمل الحديث