مصر وسوريا

الخميس 10 من جمادي الآخرة 1446 هــ
العدد 50410
لا أميل إلى استخدام كلمة سقوط دمشق، أو مثل هذه المفردات، بعد أحداث سوريا التاريخية، لأن أهلنا فى سوريا خرجوا من النفق المظلم لأطول حرب داخلية ما بعد 2011 وحتى الآن، وطووا صفحة صعبة فى تاريخهم منذ 54 عاما فى حكم الأسد (الأب والابن).
لقد كانت الهجرة السورية الواسعة سمة هذه الحقبة، ولعلى أشير هنا إلى احتضان المصريين السوريين، ليسوا مهاجرين فقط، ولكن مستثمرون أيضا ونراهم بالعين المجردة فى كل مدننا، يعيشون، ويستثمرون بكل حرية، ومنتجاتهم مركز جذب كبير للمصريين، والمستثمرون السوريون فى مصر شكلوا قصة نجاح مبهرة، أعتقد أنها ستكون مستمرة بعد ما حدث فى سوريا، لأن الاستثمارات لها صفة البقاء، وطويلة المدى، فهى استثمارات استغرقت سنوات، وقد حظيت استثمارات السوريين فى مصر باهتمام كبير من الدولة، ومن المصريين عامة، حيث ساعدت الدولة المستثمرين السوريين إقامة مشروعات غذائية مختلفة، ومشروعات فى قطاعات متنوعة، مثل المنسوجات، والأدوية، والعقارات، وتنتشر بسرعة ملحوظة، وتشير بيانات هيئة الاستثمار المصرية إلى أن استثمارات السوريين فى مصر تجاوزت 800 مليون دولار، وأن لهم منظمتين للأعمال (تَجَمع رجال الأعمال السوريين) و(جمعية الصداقة المصرية – السورية).
يجب التضامن مع السوريين لحفظ حقوق أراضيهم، والاتفاقيات المبرمة مع إسرائيل، وأن نحشد المجتمع الدولى لرفض أى تغييرات على الحدود بين إسرائيل وسوريا، مع ضمان حقوقهم فى الجولان، ورفض ضمها، أو اقتطاعها من الأراضى السورية، وأن نحشد الرأى العام العربى فى هذا الاتجاه لأن سوريا ظهيرها العربى يجب أن يكون قويا، وقادرا على الرد على العدوان الإسرائيلى فى هذه الفترة من التاريخ السورى التى لن تستمر، وستعود بالقطع سوريا قوية.
ولعل قادة سوريا القادمين يدركون أن الوضع الراهن نتيجة مباشرة لعدم انخراط النظام فى عملية سياسية، وأن يدركوا أن سوريا المستقرة مكسب للجميع، وأولهم أهلها، ومنطقتها، وأنه لن تستقر أحوالنا، ومنطقتنا العربية إلا باستقرار سوريا، وأعتقد أن مصر التى احتضنت السوريين وقت الحرب والشدة ستواصل هذا الدور فى المرحلة الانتقالية الراهنة، وستكون أيدينا معهم تدفعهم إلى البناء، والاستقرار، وبناء نظام سياسى يستوعب كل أهل سوريا، وتوقف أى عدوان عليهم، سواء كان من إسرائيل، أو أى قوة إقليمية أخرى.