2025حكاية فكرةمقالات الأهرام اليومى

ما بعد السويداء..!

الأثنين 26 من محرم 1447 هــ
العدد 50631
حدثت الواقعة الثالثة فى سوريا خلال 7 أشهر، بعد سقوط نظام الأسد، فى السويداء (جبل العرب) مع الدروز، وقد سالت الدماء غزيرة.. عنف مدو مع البدو له جذور تاريخية (منذ استقلال سوريا عام 1946)، حيث جذور التوتر معروفة ولم يعالجها أحد. لقد كانت الواقعة الأولى بعد سقوط النظام مباشرة فى الساحل السورى وريف دمشق.. جريمة قتل عشوائية طالت العلويين (الطائفة التى سقط حكمها تحت ظلال سقوط نظام الأسد).. حالة ثأر متبادلة، ولكن يبدو أنها فى المسار المُخطط له، لتأجيج الوضع فى سوريا كلها بين المكونات، وما يؤكد ذلك أن الثانية كانت مأزق الاعتداء على الكنيسة الأرثوذكسية فى قلب دمشق، حيث استهدفت المسيحيين السوريين بصورة عامة، إلى أن وصلنا إلى الثالثة، حيث كانت إسرائيل جاهزة وتمسك بقنبلة الأقليات التى تراها تفجيرا مناسبا لكل سوريا، ويبدو أن هناك تخطيطا لجعل سوريا فلسطين أخرى، فقد أصبحت سوريا على فوهة مشروع تقسيمى، حيث خطر الاضطرابات بين الطوائف يتحول إلى حروب تفتح الباب أمام التدخلات الإقليمية والدولية، وتُنهى حالة التعايش القسرى بين الطوائف، وتفتح المجال واسعا للانفصال الضخم، أو ما يسمى تقسيم المقسم، وتجزىء المجزأ، ويبدو أن المرحلة الثانية من «سايكس بيكو»، التى بدأت فى القرن 19، استؤنفت الآن. أعتقد أن مأزق الدروز دفع ما عرف بـ«الفزعة العشائرية» التى تجاوزت جبل لبنان وسوريا كلها إلى الدول المجاورة (لبنان والعراق والأردن وفلسطين)، حتى إن دروز إسرائيل 150 ألف نسمة تدافعوا إلى الجبل للدفاع والقتال مع طائفتهم، والعجيب أن إسرائيل هى التى تحجز بين الطرفين، وتطالبهم بالهدوء، وأن الحكومة مسئولة عنهم، وأخيرا، لا نريد أن نقول إن الصراعات مفتعلة، لأن عناصرها موجودة، وهناك الفاعل (من قام بتأجيجه)، ويبدو أن استعادة الثقة فى جبل العرب يجب أن تتجاوز الحلول الأمنية، والبحث عن الحلول السياسية، والاجتماعية إلى معالجة جذور الأزمة، وهذا يحتاج إلى عقل يدير الأمور، ويغير الأوضاع فى سوريا، فهل الحكومة الانتقالية قادرة على إدارة تحول أعمق لإنشاء جيش حديث متطور من كل الطوائف يبعث الثقة بينهم، مع توزيع عادل للثروة والسلطة، وضمان تمثيل جميع المكونات، وأن تعود سوريا إلى إصلاح حقيقى للاقتصاد والسياسة يسمح بإيجاد صيغة للتعايش، ويمنع التدخلات الخارجية؟.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى