النصر البغيض والكريه أمام العالم!

السبت 4 من ذي الحجة 1446 هــ
العدد 50580
كانت، ومازالت، إسرائيل تتصور أنه بعد 600 يوم، (أطول حروب إسرائيل فى منطقة الشرق الأوسط منذ أن بدأت بعد قيامها فى 1948) أنها حققت نصرا فريدا، وإستراتيجيا غيّرَ منطقة الشرق الاوسط..نصرا شبيها بما حققته 1967، وهذا لم يتحقق، فإسرائيل بعد 1967 أصبح لها قضايا مع معظم دول المنطقة المحيطة بها، وكانت تبحث عن الإقرار بانتصارها وهذا لم يتحقق، ورغم فقدان كل الدول المحيطة أراضى اُحتلت، ظلت إسرائيل تنتظر من جيرانها الإقرار بانتصارها وهذا ما لم يتحقق.
لقد استدرجت المقاومة فى الحرب الراهنة إسرائيل إلى مستنقع لن تستطيع أن تخرج منه، لأن نصرها، الذى وقف نيتانياهو يفخر به، ويتكلم عن كيفية معاملة الفلسطينيين الجائعين فى غزة- جعلها ليس دولة بل جعلها كائنا كريها، وبغيضا، ولأن الاستنزاف لم يضرب إسرائيل وحدها، فها نحن نرى المجموعة الأوروبية، التى ساعدت إسرائيل فى كل حروبها، تراجع اتفاقيات الشراكة معها، والعالم ينتظر المؤتمر المرتقب لحل الدولتين بنيويورك فى شهر يونيو المقبل، وهناك إقبال دولى لمناصرة مشروع الاعتراف العالمى بالدولة الفلسطينية، وإسرائيل قلقة جدا من هذا المؤتمر، وأكثر قلقا الصمت الأمريكى الصارخ بشأنه.
كما اكتشفت إسرائيل أنها لا تستطيع بنصرها على المقاومة أن تفعل شيئا، بل خسرت كل شىء، فمشهد غزة الجائعة، ومقتل الأطفال لم يعد من الأشياء التى تفخر بها العسكرية الإسرائيلية، وأطفال غزة وعيونهم الجائعة، والأسر التى اختفت من السجل المدنى تطارد الإسرائيليين، وتهزم نصرهم المزعوم، والحرب الطويلة هزمت إسرائيل فى داخلها، بل لم يعد مقتل السنوار وشقيقه مبعث فخر للجنود الإسرائيليين، كما أن فوضى المساعدات، وحشود الجائعين أمام مستودعات الطعام أصبحت تؤرق الإسرائيليين، وتهدد وجودهم، والطائرات التى تقصف الجائعين ترتد إلى صدور الإسرائيليين.
وأخيرا، فإن إسرائيل بعد 600 يوم دامية وقعت فى مستنقع، ولم تحقق شيئا يستحق الثمن الباهظ، فهل وصلت رسالة الحرب إلى الأمريكيين قبل وصولها إلى حكومة الحرب الإسرائيلية التى هزمت نفسها بالضربة القاتلة فى هذه الحرب الطويلة، والمريرة، ولم تحقق شيئا إلا إثارة الكراهية، والبغض لكل إسرائيلى، ليس فى إسرائيل فقط، بل العالم كله، فمتى سينتبه الإسرائيليون إلى جرائم نيتانياهو القاتلة التى أصابت إسرائيل فى مقتل منذ 20شهرا وحتى الآن؟!