2025حكاية فكرةمقالات الأهرام اليومى

الطموح الإسرائيلى وخباياه «2»

الخميس 23 من ذي الحجة 1446 هــ
العدد 50599
غياب قواعد اشتباك واضحة فى إدارة التصعيد الحالى بين إسرائيل وإيران، إلى جانب تخلى كل منهما عن الخطوط الحمراء التقليدية- يجعل المواجهة الراهنة أكبر من مجرد جولة قتالية محدودة، وأقل من حرب شاملة مكتملة الأوصاف، ومع أخذ احتمال نجاح الجهود الدبلوماسية، خلال الأيام أو الأسابيع المقبلة، فى تهدئة التوتر بعين الاعتبار، فإن هذه المواجهة قد تنزلق إلى حرب واسعة النطاق بناء على مدة استمرار التصعيد المتبادل، وحدود ما يمكن أن يصل إليه هذا التصعيد، علاوة على الحسابات الإستراتيجية للولايات المتحدة.

أعتقد أنه حتى لو بدا أن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو يهاجم إيران بتفويض أمريكى يهدف إلى إجبارها على قبول اتفاق نووى يحد من طموحاتها النووية، وقدراتها الصاروخية، فإنه يرى فى هذا التفويض فرصة لتوسيع نطاق المواجهة بهدف إحداث تغيير جذرى فى ديناميكيات الصراع مع إيران، وربما السعى إلى إضعاف النظام الإيرانى بشكل كبير، وهو هدف أشار إليه نيتانياهو مرارا فى تصريحاته الأخيرة. إننا إذا ما وضعنا الأهداف الإسرائيلية للمواجهة الحالية فى سياق حرب السابع من أكتوبر 2023 فإنها تتجلى فى بُعدين رئيسيين: الأول إضعاف إيران عسكريا وسياسيا، وربما محاولة تغيير نظامها الحاكم بالقوة، والثانى تعزيز النفوذ الإسرائيلى فى المنطقة كجزء من رؤية «الشرق الأوسط الجديد» التى طرحها نيتانياهو عقب اندلاع الحرب المذكورة، وأعتقد أن القلق الإقليمى الذى عبرت عنه دول المنطقة التى أدانت الهجوم الإسرائيلى على إيران- لا ينبع فقط من مخاوف تحول التصعيد إلى نزاع طويل الأمد يهدد الأمن والاستقرار الإقليميين، بل يشمل أيضا الهاجس من التداعيات الإستراتيجية لنجاح إسرائيل فى تحقيق أهدافها ضد إيران، وما قد يترتب على ذلك من إعادة تشكيل توازن القوى فى الشرق الأوسط.  وأخيرا، إذا نجحت إسرائيل فى تحقيق السيناريو الذى تريده بحربها على إيران، فإن ذلك سيحمل عواقب إستراتيجية، وجيوسياسية عميقة على دول المنطقة، حيث إن نجاحها فى تحقيق أهدافها قد يمنحها حرية أكبر لإعادة صياغة المنطقة وفق رؤيتها، وهذا التوجه الإسرائيلى لا يهدد توازن القوى فحسب، بل يضع مستقبل الاستقرار فى المنطقة على المحك.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى