الطموح الإسرائيلى وخباياه «1»

الأربعاء 22 من ذي الحجة 1446 هــ
العدد 50598
أطلقت إسرائيل فصلا جديدا، وخطيرا فى صراعها الممتد مع إيران عبر شن عملية عسكرية تهدف إلى تحقيق 3 أهداف استراتيجية كبري، كما حددها بنيامين نيتانياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، هى «تعطيل البرنامج النووى الإيراني، وتدمير البنية التحتية العسكرية لطهران، والقضاء على قادة عسكريين وعلماء نوويين بارزين». أعتقد أن هذه المرة ليست الأولى التى تتواجه فيها إسرائيل وإيران عسكريا بشكل مباشر، فقد تبادل الطرفان هجمات مباشرة عدة مرات خلال العام الماضي، على هامش حرب غزة، لكن الجولة الحالية من التصعيد تتميز بثلاثة جوانب رئيسية تجعلها نقطة تحول محتملة فى إعادة تشكيل توازن القوى فى الشرق الأوسط، يتمثل الجانب الأول فى أن الأهداف الإسرائيلية المُعلنة للعملية العسكرية ضد إيران تتسم هذه المرة بطموح أكبر، ونطاق أوسع، وقد لا تقتصر على إطار زمنى محدود، حيث تشمل هذه الأهداف استهداف البرنامج النووى الإيرانى بشكل مركز، وتعطيل القدرات العسكرية لطهران، مما يصل إلى مستوى تصعيد قد يشبه حربا شاملة، وإن لم تعلن تل أبيب ذلك بشكل صريح، ويتسم الجانب الثانى بأن هذه هى المرة الأولى التى تمنح فيها الولايات المتحدة بشكل علنى تفويضا لإسرائيل لتنفيذ ضربات عسكرية ضد إيران، صحيح أن واشنطن نسقت فى الماضى عمليات ردا على هجمات صاروخية إيرانية ضد إسرائيل، ويُعتقد أنها كانت على علم مسبق بالعديد من العمليات الإسرائيلية داخل الأراضى الإيرانية، لكنها لم تعلن تأييدها الصريح لهذه العمليات. ورغم أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وضع هذا التفويض فى إطار الضغط على إيران لقبول اتفاق نووى يتماشى مع الشروط الأمريكية، فإن الأهداف الإسرائيلية المعلنة تتجاوز حدود الضغط العسكرى كأداة تفاوضية، وتشير إلى طموحات أكثر عمقا. أما الجانب الثالث فهو أنه على عكس جولات التصعيد السابقة جاء الرد العسكرى الإيرانى فى التصعيد الحالى أسرع، وأوسع نطاقا، مقارنة بالاستجابات السابقة، وهذا الرد يعكس غياب أى دور بارز للدبلوماسية عبر القنوات الخلفية فى تشكيل طبيعة الاستجابة الإيرانية على عكس ما حدث فى الجولات السابقة، وكان هذا الرد متوقعا بالنظر إلى طبيعة المواجهة الحالية، وما تمثله من تهديد وجودى محتمل للنظام فى إيران.. وغدا نكمل الحديث.