2025حكاية فكرةمقالات الأهرام اليومى

أمريكا وإيران.. ولحظة الانفجار «2»

الخميس 11 من شوال 1446 هــ
العدد 50529
تمر إيران بحالة لم تبلغها منذ ربع قرن، إن لم نقل منذ انتصار ثورتها الإسلامية، ذلك أن «الطوفان»، وما بعده، قد أجهز على كثير من أوراق القوة التى بنتها بصبر وتكلفة طيلة أزيد من 20 عاما، وانتهت بتحويل الإقليم الممتد من قزوين حتى شرق المتوسط «مجالا حيويا» لنفوذها ودورها الإقليمي، ووفرت لها فرصة نادرة للدفاع بل الهجوم أيضا، وعلى أرض ليست أرضها (حروب وكالة وأصالة خاضتها بأدوات غير إيرانية، وكانت حتى الأمس القريب تحتل مكانة متميزة فى حسابات القوى، وقواعد الاشتباك، ونظرية «الردع المتبادل».. كل هذا اقترب من نقطة النهاية بعد الطوفان، فلا «حزب الله» ظل كابوسا يؤرق إسرائيل، ولا سوريا ظلت «درة تاج» المحور و«الهلال الشيعى»، و«حماس»، والمقاومة الفلسطينية، في وضعية «إنقاذ ما يمكن إنقاذه»، و«الحوثى» يجد صعوبة فى حماية مقدراته ورءوس قادته، بينما العراق يزحف شيئا فشيئا بعيدا عن الدور الذى رسمته له إيران وحلفاؤها المحليون.

اليوم، تواجه إيران وضعا شديد الدقة والتعقيد، وهى فى مكانة مغايرة لما كانت عليه زمن التفاوض على اتفاق فيينا، والولايات المتحدة ليست متحمسة لمفاوضات تحت مظلة «5+1» وهى لن تكتفى بضمانات عدم تسليح وعسكرة برنامجها النووى، بل ثمة أصوات تطالب بتفكيك البرنامج السلمى، وتجريد إيران من حقها فى امتلاك دورة تخصيب، وبضمانات ورقابات أمريكية مشددة، وإذا كان المفاوض الإيرانى قد نجح طيلة 20 عاما فى فصل الملف النووى عن بقية الملفات الخلافية مع الغرب، ومن بينها «البرنامج الصاروخى»، و«دور إيران المزعزع للاستقرار»، فإن أمريكا اليوم تحت قيادة ترامب، تريد وضع هذه الملفات جميعها على مائدة التسويات، تحت طائلة الخنق الاقتصادى، والانفجار، والجحيم العسكرى.

وأخيرًا، رغم تصاعد التوتر لا نحسم الأمر بأن جميع المسارات الدبلوماسية بين أمريكا وإيران قد سُدت، ففى النهاية، لا شك، فى أن التوتر المتصاعد يومًا بعد يوم بين أمريكا وإيران يعد تطورا مثيرا للقلق، لكنه، فى الوقت ذاته، قد يملك تأثيرا للمساهمة فى الجلوس على طاولة المفاوضات، والتوصل إلى اتفاق.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى