23 يوليو تاريخ لا ينسى!

الأربعاء 28 من محرم 1447 هــ
العدد 50633
اليوم تمر 73 عاما على ثورة يوليو 1952، تلك الأيام الخالدة التى غيرت مصر، وصنعت تاريخنا، ومازالت حتى يومنا هذا تتفاعل داخل الدولة، بل وضعت بلادنا فى مكانة مختلفة فى التاريخ المعاصر، فعلى أكتافها قامت الجمهورية، وبُنى السد العالى، وأصبح لمصر بنك للمياه يحميها، ويسندها فى الأزمات. أعتقد أن فى يوليو الخمسينيات كانت لنا مكتسبات كثيرة حافظنا عليها، ولكن كانت لنا طموحات أكبر لم نصل إليها بعد، فالدولة الحديثة التى نحلم بها مازلنا لم نقيمها، وبناء إصلاح سياسى شامل مازال حلما نتطلع إليه، وإصلاح اقتصادى، وبناء مؤسسى لدولة قادرة ومؤهلة للمصريين فى القرن الحادى والعشرين حلم يراودنا، ويتكرر مع كل تاريخ مهم، ومناسبة وطنية كبيرة، لكننا ونحن فى يوليو 2025 نتطلع إلى الاحتفال باليوبيل الذهبى لثورة 1952ومنظوماتنا السياسية والاقتصادية تكون قد اكتملت، ونكون قد حللنا أوضاعنا الاجتماعية كاملة، بل كتبنا قصة مصر المعاصرة لأجيالنا القادمة، ووضعنا دولة الخمسينيات فى مكانها الصحيح الذى تستحقه فى التاريخ الإنسانى بين الأمم. لقد قامت مصر بثورات كثيرة نتذكر منها ثورتين شعبيتين كبيرتين (1919 و 2013)، فى الأولى كنا نرفض الاحتلال الأجنبى، ونرنو للاستقلال الوطنى، وفى الثانية رفضنا، بل اقتلعنا احتلالا آخر لمجموعة تنظيم مسلح متطرف (الإخوان) كان يفرض نظاما بالقوة على الوطن، ويعود بنا للقرون الوسطى، ويغير هويتنا، وكنا سنذهب معهم فى هوة سحيقة لا تنتهى، وبين هاتين الثورتين كانت هناك حركات وطنية تتطلع إلى التغيير، وتصبو إلى التطور، أهمها حركة الضباط الأحرار (يوليو 1952) التى أصبحت ثورة شعبية بمعايير الإنجاز بقيام الجمهورية، وتبنى الإصلاحات الاجتماعية الجذرية (الإصلاح الزراعى، والقضاء على الإقطاع، وتبنى دولة القانون والمساواة بين المصريين)، حيث لا يحكمنا على الأقل قصر أو عائلة، بل الحكم أصبح للشعب، ويتبادله أبناؤه. وأخيرا، فى هذا اليوم المشحون بالعاطفة نتذكر لجيل يوليو أنه صحح الأخطاء الكبرى فى عمر الجمهورية 1967، ولم يرحلوا عنا إلا بتسليم الأمانة إلى جيل أكتوبر (1973)، وكانت هامات الوطن عالية، حيث تخلصت من هزيمة قاسية جعلها المصريون عابرة فى تاريخهم العريض، وحافظوا على وطنهم، ويواصلون بناءه بالعزيمة، والإرادة فى زمن صعب، وظروف قاسية، ولكن أجيالنا المتجددة قادرة عليها.