أهلا لافروف.. ومرحبا بالسلام!

الأربعاء 28 من ذي الحجة 1443 هــ
العدد 49541
حملت الجولة الإفريقية لسيرجى لافروف، وزير الخارجية الروسية، فى هذا الوقت الدقيق بالنسبة لموسكو فى العالم – والتى بدأها بزيارة القاهرة (مفتاح إفريقيا، وقلب العالم العربى) – رسائل عديدة، لعل أهمها نحو مصر: أنها تدرك ثقل القاهرة، وتأثيرها الإقليمى، والعالمى فى أزمة الحرب المشتعلة، وأنها تأتى إلى هنا لتأكيد التزامات روسيا الثنائية مع مصر، والمنطقة، وإفريقيا.
وإذا كانت مصر ترحب بهذا الدور، والعلاقات مع روسيا، فإنها تركز على أهمية إنهاء الصراع الروسى- الأوكرانى بالطرق السلمية، وعبر المسارات الدبلوماسية، وأن الحرب، التى بدأت منذ ٢٤ فبراير الماضى، وتدخل شهرها السادس، هى حرب كلها خسائر على العالم، بما فيه الطرفان (الروسى، والأوكرانى).
روسيا تتطلع إلى دور عربى، وإفريقى لإنهاء عزلتها، وإعادة دمجها فى المجتمع الدولى، واستخدام الدبلوماسية العربية التى وقفت موقفا محايدا فى هذه الأزمة العالمية الطاحنة، ولكنها على الأقل لم تقف ضد روسيا، ولم تتهمها، وتدنها، مثل الغرب الأمريكى، والأوروبى، بل وقفت الدبلوماسية المصرية، والعربية فى نقطة التوازن الدقيق؛ حتى تتيح لنفسها لعب دور الوسيط، وأن تكون جزءا من الحل، وليس المشكلة، وهذا الذى جعل لزيارة لافروف لإفريقيا، وتحديدا (القاهرة- وجهته الأولى)، أهمية إستراتيجية كبيرة، لأن روسيا التى يطاردها الغرب، وأمريكا فى كل المحافل الدولية تلقى الترحيب فى القاهرة، لكنه الموقف الإيجابى الذى يرفض الحرب، ولكن لا يدين أطرافها، بل يسعى إلى دفعهم نحو التفاوض، وهو الحل الذى يجنب كل الأطراف الخسائر، ويحفظ ماء الوجه للمتحاربين، ويحترم القانون الدولى، وحقوق الشعوب.
التحرك الروسى نحو مصر، وإفريقيا جاء متزامنا مع أول اتفاقية بين المتحاربين لتجنيب العالم أزمة الغذاء، والمجاعات؛ بالسماح بتصدير محصول الحبوب الأوكرانى المُخزن من العام الماضى إلى الدول المستوردة للحبوب من كييف، وهى خطوة كبيرة من المتحاربين تجاه وقف هذه الحرب التى تقترب من نصف العام.