2019مقالات الأهرام اليومى

ليبيا.. لن تكون أرضا محروقة أو مستباحة

الأثنين 12 من ربيع الثاني 1441 هــ
العدد 48580
ما يحدث فى ليبيا, يجب أن يحرك كل الضمائر الإنسانية، خاصة العربية والإفريقية، وتحديدا دول جوار ليبيا، وفى مقدمتها مصر، ليس لأى مصالح سياسية، أو اقتصادية، أو حتى لحمايتها من الإرهاب، والتطرف فقط، ولكن لإيقاف أن تكون تلك البقعة الغالية من عالمنا، ومن المنطقة العربية، والقارة الإفريقية، أرضا محروقة، أو مستباحة، من أعداء الإنسانية، وسارقى الشعوب، من كل المغامرين، والمقامرين، وأعداء الحياة، والاستقرار، وأنصار الإمبراطوريات الاستعمارية، البائدة، أو العائدة، بحثا عن البترول، والغاز، وسرقة الشعوب المغلوبة على أمرها، ومن رعاة الإرهاب، والتطرف، فى عالمنا المعاصر، وجماعاته، التى يصعب حصرها، خاصة المتأسلمين، الذين باعوا ضمائرهم، وأوطانهم.

حدثت فى ليبيا، منذ 8 سنوات، وتحديدا فى فبراير 2011، جريمة بشعة، فقد اعتدى حلف الناتو على الشعب الليبي، بحجة حمايته، وإسقاط الحاكم، وعلى الرغم من أن هذه مهمة الشعوب، فإننا سنترك هذه الجريمة للتاريخ، ليكشف أبعادها!، ومن وراءها؟، وكيف خطط لها كل المغامرين القتلة؟، ولكن نتيجتها ظاهرة، الآن، بل كاشفة، منذ 5 سنوات، وبالتحديد 2013، حيث تدور فى ليبيا حرب أهلية ضروس، وانقسمت البلاد شرقا وغربا، وصراع يدور رحاه فى كل بقعة منها، ويدفع ثمنه اليوم كل الليبيين. إننا نتحدث هنا عن تركيا التى استضاف رئيسها أردوغان، مؤخرا، فايز السراج، رئيس وزراء، ما يعرف فى ليبيا والمنطقة، باسم حكومة الوفاق، وهى حكومة لا أستطيع أن أصفها بالهشاشة فقط، فهى أكثر من ذلك، وكان يجب أن تركز جهودها لإنقاذ ليبيا من الحرب الأهلية، وإعادة الجيش، والوطن، وتمكين الليبيين من التعبير عن أنفسهم، فإذا بها تبيع ما تحت يديها، وهو قليل، وضعيف التأثير، بل منعدم الرؤية، إلى تركيا أردوغان، ولعل التاريخ الإنسانى الراهن سيكون شاهدا على أكثر الجرائم السياسية العلنية، التى ترتكب بكل وقاحة أمام الرأى العام، وعلى مرأى ومسمع من الجامعة العربية، التى ليبيا عضو فيها، والاتحاد الإفريقي، وليبيا أحد المؤثرين به، بل هى الدولة، التى لعبت الدور الرئيسى فى إنشائه، وفى وجود ممثل للأمم المتحدة، وهو عربي، لحل مشكلتها المستعصية، منذ سنوات طويلة، عن الحل، وأصبح أهلها كلها شبه مهاجرين، ومن يعيش هناك هم رهائن للإرهابيين، فى طرابلس، والذين تسلطوا عليهم ليحصلوا على حكم ليبيا، ويضعوهم فى قفص المتأسلمين، أو من جماعة الإخوان، الذين باعوا أوطانهم لتركيا، من أجل الحكم بهذه الاتفاقية، التى لا تحتاج لمن يفندها، ويكشف انعدام أثرها، الآن، ومستقبلا، والتى جاءت لتكشف لنا المتأسلمين فى منطقتنا، وأنهم رعاة الإرهاب، وبائعو الأوطان، بحثا عن الحكم، والسيطرة على الشعوب، وتكشف أردوغان، وأساليبه، التى تعدت البلطجة، ولنبحث له عن اسم، وهو عندنا اسمه أردوغان يريد أن يسرق بترول ليبيا، وسواحلها الممتدة على طول البحر المتوسط، ويعيد احتلالها عثمانليا، ويشرد شعبها فى ربوع الأرض، بحجة أنه صاحب الحق الحصري، والتاريخى لشعوب المنطقة العربية، ونحن نعيش، الآن، فى عالم التحرر، وحق الشعوب فى الحياة، والمساواة، والعدل، فإذا بنا نقع فريسة للاحتلال، والسيطرة.. فهل العرب والليبيون سوف يسمحون للأتراك بسرقتهم، بهذا الشكل الجبان؟.. ونحن نقول إنه من حسن الحظ أن جاءت هذه الاتفاقية اللعينة ، لكى تفتح لنا، نحن العرب، خاصة الليبيين، بابا واسعا، لكى نحاسب الأتراك، بل نحاكمهم، وكل العثمانليين، حاضرا وماضيا، عن جرائمهم الجديدة، والقديمة، معا، فقد خرجوا من المنطقة دون حساب، أو سؤال، عن جرائمهم، ومذابحهم، فى حق العرب، وهى كبيرة، وكثيرة، ومتعددة، وفى كل بلدان العرب، هناك شاهد على جرائمهم، ولتكن العودة الراهنة لهم مسارا، وبحثا، عن هذا الحساب القديم لنا، والذى تسامح فيه العرب قديما، ويجب ألا يتسامحوا حديثا، وأصبحنا مطالبين بأن نضعه أمام الشعوب، على مائدة المحاسبة، فلا يضيع حق وراءه مطالبون. الكرد طرحوا حقوقهم، والأرمن طرحوا حقوقهم، وكشفوا الجرائم العثمانية القديمة، والحديثة، وحانت الفرصة للعرب، ليطرحوا الجرائم، هم الآخرون, الجرائم التركية، والمذابح، ويقتصوا منهم أمام العالم كله، شعوبه، ومنظماته.. الفرصة كبيرة، الآن، أمام مصر، وقد استكملت ما تحمى به نفسها، من هذا العدوان التركى الأردوغاني، المتأسلم، على أراضيها، وأصبحت مؤهلة للدفاع عن الأشقاء، والذى يتمثل، الآن، فى الجماعات الإخوانية، التى تهاجم مصر من تركيا، أو الجماعات الإرهابية، التى صدّرتها تركيا لمصر، فى سيناء، وربوع الوطن، من أجل أن يحكموا مصر، فى غفلة من الزمن، ويعيدوها للقرون الوسطي، ويضعوا مصيرها، ومستقبلها، فى يد المحتل، أو فى وجود تركيا بإفريقيا، خاصة فى منابع النيل، واستطاعت مصر محاصرة الإرهاب، فى ربوعها، وفى أعالى النيل معا، وأصبحنا مطالبين بإنقاذ أشقائنا، خاصة فى ليبيا، والسودان، من العدوان التركي، ومحاصرته فى أراضيهم، وكشفه أمام الرأى العام العالمي.. نحن الآن أمام انتهازية لا مثيل لها فى التاريخ، وأمام رئيس تسلط على شعبه، ويلعب بكل الأوراق، لنكشفه أمام أمريكا، وروسيا، وهو يلعب على الاثنين معا، وأمام الاتحاد الأوروبي، وهو يلعب بدوله كما يلعب بالبيضة والحجر، لم ينس ماضيه، فقد سرق الحلم من أربكان، وتورجون أوزال، اللذين بنيا تركيا الحديثة، فظهر أمام الترك أنه أنقذهم، بالرغم من أنه أوقعهم فى براثن احتلال، وانهيار داخلي، سوف تكشف الأيام المقبلة، عن أبعاده، وخطورته، ليس على تركيا وحدها، بل أوروبا، بل العالم كله. هذه الألاعيب الخطيرة تتكشف أمام الكل، وقد جاءت اتفاقية السراج- أردوغان لكى تضع تركيا، والتيارات المتأسلمة، فى قفص الاتهام، محليا، وإقليميا، وعالميا، إنها أكثر الجرائم سرقة، وبشاعة، فى التاريخ الإنساني، وإهدارا لحقوق الشعب الليبي، ولا ننسى أننا فى مصر شركاء ليبيا، ويجب أن ندفع كل الدول العربية، سواء شمال إفريقيا، أو المغرب العربى ، بل العالم، لكشف أردوغان، ومحاكمة السراج، الذى يسلم مقاليد الأمور، لأبشع الجماعات المتطرفة، والإرهابية، القادمة من كل ربوع الدنيا، والتى تسببت فى انهيار العراق، وسوريا، واليمن، لتكون ليبيا امتدادا لجريمة المتأسلمين، وجماعاتهم المخربة، المنتشرة، فى منطقتنا، كالسرطان المخيف، وفى عالمنا المعاصر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى