2023حكاية فكرةمقالات الأهرام اليومى

مبادرة الصين..!

الثلاثاء 8 من شعبان 1444 هــ
العدد 49757
بعد مُضى عام على الحرب الروسية– الأوكرانية، استطاعت الصين أن تضع نفسها فى موضع الصدارة فى المشهد الجيوسياسى لهذا الصراع؛ بإعلانها الخروج من حالة الانتظار، والتصدى لتقود، عبر استخدام نفوذها السياسى، والاقتصادى مع روسيا، ومكانتها كثانى اقتصاد عالمى، للتوسط لإنهاء الحرب بمبادرة، أو للدقة مقترح للسلام بين الطرفين المتحاربين. وبالرغم من الترحيب البارد من الغرب، خاصة من الرئيس الأمريكى جو بايدن، فإن الخطوة الصينية ليست دخانا فى الهواء، ولكن لها ما بعدها، ويبدو لكثير من المراقبين بدقة لهذه الحرب أن الخطوة الصينية هى البنية الأساسية التى سيقوم عليها الحل القادم للحرب، التى يتوقع لها الكثيرون ألا تتخطى العام الثانى لمعاناة الكل بسببها.

ما يدفعنى لقول ذلك أن الأطراف المعنية بهذه الحرب (الأوروبيين) تلقفت المبادرة كمولود ينتظرونه ويجب الحفاظ عليه، ويخططون لكى يتجهوا إلى بكين للتفاوض على الخطوة التالية، وأول هؤلاء الأطراف الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، ممثل أوروبا المتشدد، حيث الصين وجهته فى إبريل المقبل، ورؤساء بيلاروسيا، وكثير من القادة الأوروبيين يخططون لمناقشة المبادرة مع الصين، حتى زيلينسكى يتطلع لمناقشتها مع القادة فى الصين، وقطعا الروس.

إن مراقبة المواقف الدولية مثيرة، سواء الرفض، أو القبول الأمريكى للمبادرة الصينية، فهى لا تحمل الرأى الأخير، أما الصينيون فقد تخلصوا من حالة الغموض التى اكتنفت مراقبتهم الحرب، وأصبحوا مدركين أنهم يريدون لها أن تتوقف، فهم لا يريدون اقتصادا قويا مثل روسيا يتعرض لهذا الموقف، أو المشهد الذى يرونه لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية (دولة قوية بحجم روسيا تدخل إلى مخاطر عسكرية، واقتصادية نتيجة الحرب).

أعتقد أن نقطة التوازن التى انتهجتها الصين منذ بداية الحرب أصبحت لا تحتمل استمرارها، وكل الأطراف المشاركة فعليا، والمنضمة لها بالمساعدات العسكرية، والاقتصادية، وجدت لها قاربا يتحرك للنجاة اسمه المركب الصينى أمام المبادئ التى اتبعتها لحل الحرب الدائرة فى أوروبا، والصين بدخولها هذا المعترك تثبت جدارتها، ومشاركتها أمريكا، وأوروبا فى الحفاظ على النظام الدولى، وما يؤهلها لذلك مكانتها العسكرية، والاقتصادية، ودورها فى النظام العالمى المقبل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى