الحرب القذرة..!

الأثنين 27 من ذي الحجة 1446 هــ
العدد 50603
أعجبنى وصف المستشار الألمانى فريدريش مريتس الحرب الراهنة فى الشرق الأوسط (التى بدأت بغزة، وانتقلت إلى لبنان وسوريا واليمن، والآن هى محتجزة فى إيران) بأنها «حرب قذرة»، وإن كنت لا أتفق، أو أؤيد، السياق الذى قيل فيه هذا الوصف، لأن إسرائيل هى من بدأت الحرب على إيران، ولم أكن أعرف أن نيتانياهو يمثل الغرب فى هذه القذارة، أو هو الوجه القبيح لهذا العالم الذى نعيش فيه، حيث ممثل الحضارة الأطلسية الغربية يتكلم ويصف حالها، وكيف لم يتدخل لوقفها، ويمنع الاستنزاف والإنهاك الذى يحدث منذ أن اندلعت الحرب؟!، لأن إسرائيل تنزف فى هذه الحرب التى بدأتها، لكنها تستمر فيها، وإيران أوضاعها وصلت إلى حالة صعبة، ودقيقة، لكنها لا تستطيع أن تتوقف عن الاستمرار فيها، وإرسال الصواريخ الباليستية وغيرها على إسرائيل. لقد ترك العالم إسرائيل وإيران خلال الأسبوع الأول للمعركة من دون تدخل، ولم يكن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب يستطيع إخفاء أن بلاده منخرطة فى العملية العسكرية، إن لم يكن بإعطاء الضوء الأخضر للتحرك منذ البداية، فالإسرائيليون، كما تعودوا، لا يستطيعون الدخول فى معركة بهذا الحجم من دون الموافقة، بل ربما حصلوا على ما هو أكثر من الموافقة وهو أن التدخل المباشر فى المعركة سيكون قريبا، وقد استمر الأسبوع الأول عسكريا بحتا. لقد تحققت أهداف كثيرة لإسرائيل، كما تحققت لإيران مكاسب هائلة، لعل أهمها أنها ترى إسرائيل تنزف، والإسرائيليون يهاجرون لأول مرة منذ احتلالهم فلسطين، لأن المدن الإسرائيلية أصبحت مستباحة، لكن دخول الوساطات الأوروبية يوم الجمعة الماضى فى جنيف تحول كبير فى هذه المعركة، وقد بدت الوساطات السياسية، والمفاوضات فرصة للطرفين، لأن المعادلة الجديدة التى تراها أوروبا هى إعادة إيران إلى حدودها، وأنها مدعوة للتفاوض وليس المناورة، صحيح أنه خطأ أن يدور تحت النيران، لكن هناك بالقطع معادلات جديدة، حيث إيران وإسرائيل لا يستطيعان كتابة تاريخ المنطقة والشرق الأوسط وحدهما، ويجب أن يعترفا بأن اتساع نفوذهما الإمبراطورى خارج أراضيهما أكبر كثيرا من قدراتهما، وتطلعاتهما يجب أن تكون محصورة فى إقامة علاقات وسلام إقليمى يشترك فيهما الجميع، ويكفى الشروخ الضخمة التى عكستها حالات الحروب، والتطلعات الإمبراطورية لبعض دول الشرق الأوسط.