2025حكاية فكرةمقالات الأهرام اليومى

جوته: افتحوا النوافذ ليدخل النور!

الثلاثاء 18 من رمضان 1446 هــ
العدد 50506
جوته الألمانى هو من أكد إنسانية، وعالمية ديننا الإسلامى الاعتدالى، وهو من انصرف بنفسه إلى ترجمة معانى الآيات القرآنية، ووضع الديوان الشرقى كأثر من أهم آثار الآداب الألمانية، سواء فى زمنه (القرن الثامن عشر)، أو ما قبله، أو ما بعده.

أعتقد أنه لم تكن هناك مرحلة إسلامية محددة فى حياة جوته، بل استمر طوال عمره، بدءا من أولى قصائده وهو فى الأعوام الـ«23» الأولى، يشيد بخصال رسولنا محمد- صلى الله عليه وسلم، وقال عن نفسه إنه يكاد يقترب من إشهار إسلامه، ولما بلغ السبعين كان يريد أن يحتفل فى خشوع بتلك الليلة المقدسة (يقصد ليلة القدر)، وقد كان منصفا للغاية، ووقف ضد التيارات المتطرفة، وهو الوحيد فى عالمه الذى وجد الشرق والغرب يلتقيان لا يتصارعان، وهو الشاعر الفذ الذى سمت بلاده معاهد اللغة الألمانية فى العالم باسمه، وفى كتابه «نطق الشهادتين ومدح الرسول صلى الله عليه وسلم»، وقراءاته، ومحاكاته للمعلقات السبع، ومساعيه للاقتراب من روح الشرق- يصف الشعر العربى بأنه ترانيم سماوية، ومسرحيته «تراجيديا محمد» تحكى للأوروبيين، والألمان البعثة المحمدية، ومعاناة الرسول فى أثناء تبليغه الرسالة، ويصف جوته شخصية الرسول بأنه «نهر بدأ يتدفق رفيقا رفيقا، وهادئا»، ثم لا يلبث أن يجيش بشكل مطرد فيتحول فى عنفوانه إلى سيل عارم يجذب إليه جميع الجداول، والأنهار المجاورة ليصب الجميع فى زحفه الرائع فى بحر المحيط (بحر الألوهية العظيم)، وما كان لهذا الفيض النورانى أن يبقى مقصورا على الصحراء.. يغيض فى رمالها، وتمتصه شمسها، ويصده الكثير، إنما محمد نبى مرسل لغرض مقدر مرسوم يتوخى إليه أبسط وسيلة، وأقوم طريق هو إعلان الشريعة وجمع الأمم من حولها.

وأخيرا، لقد كانت علاقة جوته بالقرآن الكريم فريدة، حيث عكف على دراسة نسخ مترجمة منه، فجاءت كتاباته متأثرة بالآيات القرآنية، كما قام باقتباس منها، وأورده فى أشعاره: «لله المشرق.. ولله المغرب.. وفى راحتيه الشمال والجنوب.. فهو الحق سبحانه».. وهكذا يظل الحديث عن جوته الشاعر الذى لا نظير له لنردد معه مقولته الشهيرة وهو على فراش الموت: افتحوا النوافذ ليدخل النور.. وغدا نكمل مع «هوجو» الفرنسى.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى