وحدة الخطاب العربى.. والحوار مع واشنطن «2»

الأثنين 18 من شعبان 1446 هــ
العدد 50477
نحن أمام مشروعات لتصفية وجودنا العربى، أو تبعية بلادنا وعودتنا إلى عصور ما قبل الاستعمار والوصاية، وابتلاع الدول، وتصفية الهويات، وما يحدث من الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وأفكاره لم يحدث من قبل، حتى خلال الصراع فى جنوب إفريقيا (الأبارتايد)، وربما عادت أمريكا إلى أسلوب اقتلاع الأمريكيين الأصليين (الهنود الحمر) لتضعه أمامنا نموذجا.
أعتقد أن المواجهة العربية العاقلة، والموحدة، فى هذه الحالة هى أفضل أنواع السياسات، والمواجهات، فالطرح الأمريكى الراهن غير واضح، وغير مفهوم، ولكن ما يبدو منه هو تهجير الفلسطينيين، وسلب أراضيهم، وهذا غير مشروع، وغير قانونى، وهو ليس تهجيرا قسريا فقط، بل جريمة إبادة للشعب الفلسطينى على أرضه، ولأول مرة، العالم كله شرقا وغربا، بما فيه الأوروبيون، وكذلك الروس، والصينيون، ضد المنهج الأمريكى، وأيضا الكثير من العقلاء الأمريكيين ضده، فهذا طرح غير قابل للتطبيق إطلاقا، وتلك قضية حساسة للغاية تتداخل فيها منطقتنا، وكل الأديان، صحيح أنها قطعة أرض صغيرة، لكنها مفجرة لكل الحضارات، والثقافات، وإذا أدرك الرئيس ترامب الخطوط التاريخية المعقدة لهذه التركيبة، وهذه البلدان لحدث لديه زلزال حقيقى، لأنه يفتح أبواب الجحيم حقيقيا أمام العالم، وليس الجحيم المتصور فى ذهنه (استخدام القوة المفرطة)، فهناك حدود للقوة قد لا يدركها الرئيس الأمريكى من فرط قوته، وهو العائد للبيت الأبيض بشعور قوة متزايد مع ظروف معاكسة هى الأقسى للحوار مع واشنطن، والخطاب مع ترامب (قطب واحد) فى ظل إدارته هو الحل، حيث لم تعد هناك مؤسسات فى أمريكا غير ترامب للمناقشة، وإدارة الحوار، ويجب أن يكون هذا الحوار مؤشرا، فلسنا فى حالة إقليمية عربية تسمح بتأجيله لأعوام أربعة مقبلة (بعد نهاية عصر ترامب).
لكل ما سبق فإن التماسك العربى، ووحدة الرؤية فى هذه المرحلة من تاريخنا كله تكون هى السبيل الوحيد لننقذ ما تبقى من فلسطين، ونتجاوز كارثة غزة، وهذا يستلزم ضرورة التفاف الفلسطينيين جميعهم خلف القرار العربى، لأننا أصبحنا أمام أخطر مراحل الصراع منذ قيام دولة الاحتلال الإسرائيلى وحتى الآن.