العاشر من رمضان

الأربعاء 10 من رمضان 1445 هــ
العدد 50143
هذا اليوم العظيم فى تاريخنا الحديث كله لا يمكن أن يُنسى، فليس هناك يوم يعادله فى تأثيره على حياة المصريين، ومستقبلهم، فهو بالنسبة لهم حرب «رمضان»، كما حرب «أكتوبر ١٩٧٣»، أما فى دولة الاحتلال فيسمونه حرب «كيبور» (يوم الغفران).
لقد كانت حرب أكتوبر لقواتنا المسلحة الباسلة حرب تحرير الأرض، والمحافظة على مصر، وقد كان ذلك 0هدفا إستراتيجيا، وفى اليوم الأول للحرب قطعت صفارات الإنذار صمت العيد (الغفران) فى إسرائيل، وقد كشفت الوثائق السرية لبداية الحرب عن ظهور خيبة أمل مصحوبة بضغوط ثقيلة، ومشاعر عاصفة لدى الإسرائيليين، حيث تحكمت مصر فى مسار الحرب التى كان بطلها الرئيس الراحل أنور السادات، رحمه الله، وجيش مصر البطل، فقد فشل أفراد الاستخبارات الإسرائيلية، والأمريكية فى إدراك التهديد الوشيك للحرب، وقالوا تعرضنا لعملية غسل دماغ من الإسرائيليين الذين غسلوا أدمغة أنفسهم من قبل، وشلت الصدمة هنرى كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكى، آنذاك، الذى رفض التنسيق مع السوفيت، وغضب من حكومات أوروبا التى رآها غير داعمة للسياسة الأمريكية.
إن قواتنا المسلحة لم تنتصر فقط على إسرائيل، بل عبرت القناة فى ١٩٧٣، وحافظت كذلك على الدولة لأبنائها، ومستقبلهم، وعندما أخبر الرئيس السادات الأمريكيين بأن مصر تريد تحرير الأرض ولا تنوى ضرب المدنيين الإسرائيليين، وأنها حرب محدودة وليست لتدمير إسرائيل، ومدنها- كان ذلك قمة الرؤية الإستراتيجية للحروب المعقدة، والمتشابكة، والخطيرة، وحتى عندما حدثت الثغرة وكانت أمريكا تمد إسرائيل بالسلاح، والمعلومات، ومعها خطوة بخطوة، فإن النتيجة النهائية كانت انتصار الجيش المصرى، واسترداد الأرض فى الحرب التى بدأت فى أكتوبر وانتهت أيضا فى أكتوبر، رغم أنها امتدت منذ هزيمة ١٩٦٧ التى كانت مقدمة لإعداد مصر على كل المستويات السياسية، والاقتصادية، والعسكرية، وأفرزت حرب الاستنزاف التى كانت مقدمة لانتصار أكتوبر، وتحكمت مصر فى مساراتها إلى أقصى درجة ممكنة، ومنعت إسرائيل من إشعال قناة السويس بالنابلم، كما نجحت فى كشف العدوان الإسرائيلى، وإلزامها بالانسحاب الكامل من أراضينا، فتحية لأبطال «أكتوبر- رمضان» العسكريين، والسياسيين فى يومهم العظيم، فقد حققوا النصر الإستراتيجى لمصر على إسرائيل.