مجزرة موسكو.. والحروب الجوالة!

الأربعاء 17 من رمضان 1445 هــ
العدد 50150
المجزرة التى حدثت فى موسكو يجب أن تخيف الجميع (أوروبا، وموسكو، والخليج العربى، بل الشرق الأوسط كله)، لأن المؤشرات تقول إن هناك من يستخدم الجماعات الإرهابية المنتشرة فى العالم كله، لدرجة أن فرنسا أدركت ذلك سريعا، وأعلنت حالة التأهب القصوى.
توجد مؤشرات خطيرة على أن الحرب الأوكرانية المتورطة فيها روسيا هناك من لا يريد لها أن تتوقف مثلها مثل حرب الاحتلال الإسرائيلى فى غزة، وهناك قوى على المسرح العالمى تدفع إلى حرب عالمية ثالثة بشكل مختلف ممكن أن نطلق عليه «الحروب الجوالة»، وأنا هنا لا أتهم أحدا، ولكن أرصد الظاهرة فقط، فمثلا
بعد خروج الأمريكيين من أفغانستان عام ٢٠٢١ لم تهدأ أفغانستان، وقد رُصِد أن الاستخبارات الأوكرانية تدعم «داعش» بها، كما يلعب الأوكرانيون دورا فى الحرب الأهلية بالسودان، فقد رُصدت قوات أوكرانية على الساحة السودانية.
أعتقد أن الأطراف المتداخلة فى الحرب الروسية- الأوكرانية أدركت أنه يستحيل هزيمة روسيا فى أوكرانيا، ولكن عبر توسيع رقعة المواجهة، واستنزاف روسيا فى دول عديدة مثل سوريا، والعراق، والسودان، ولبنان التى يبدو أنها اقتربت من هذا النوع من «الحروب الجوالة» الجديدة، والمختلفة.
ما جعلنى أقول ذلك هو المؤشرات التى نجمت عن مجزرة مجمع كروكوس لإقامة الحفلات الموسيقية الروسية، حيث جاءت المجزرة عقب ما أبدته روسيا بعد انتخاب بوتين، وتقديم صورة ديمقراطية فى انتخابات الرئاسة بها، ونجاحها فى مشاركة الناخبين، والأهم كذلك أن المجزرة جاءت بعد يوم واحد من الإعلان عن تحول «العملية الخاصة» بأوكرانيا إلى «حرب» بشكل رسمى، أى بداية «انحسارها»، وكذلك بعد التدخل الروسى فى مجلس الأمن ضد مشروع قرار الولايات المتحدة الأمريكية الذى تدعى أنه يرمى إلى وقف إطلاق النار فى غزة.
وأخيرا، ما أردت أن أنبه إليه هو أن الحروب الكبرى لم تعد محصورة فى خطوط المواجهة فقط، ولكن تتنوع، ولن يستطيع أحد مواجهتها من دون عناصر استخباراتية قوية تدرك، وتعرف من يلعب معك، ومن يلعب ضدك، أو يلعب معك، وضدك فى الوقت نفسه.. حقا إنها الحروب المعقدة.