«الحشاشين»!

الأحد 21 من رمضان 1445 هــ
العدد 50154
صبغ مسلسل الحشاشين الدراما المصرية فى رمضان ٢٠٢٤، بلا شك، باستمرار متابعتها بشغف، وهو من الأعمال الكبرى للشركة المصرية البازغة (المتحدة)، والمؤلف المصرى البارع (عبدالرحيم كمال) الذى قدم مسلسلا كتبه بلهجة المصريين العظيمة، والمخرج العبقرى (بيتر ميمى) الذى تلاعب بالتصوير، وارتقى به للمستوى العالمى، فتحية كبيرة للمؤلف والمخرج اللذين أعطيانا فى هذا المسلسل رسالة مفادها أن مصر هى بيت الدراما العربية باقتدار، وبلا جدال، أما الممثلون، خاصة (كريم عبدالعزيز، ونيقولا معوض، وفتحى عبدالوهاب)، فهم نجوم متلألئة أعطونا رصيدا أن الفن المصرى لا ينفد.
لقد عشنا فى هذا المسلسل المتميز أحداثا تاريخية دارت خلال القرنين الحادى عشر والثالث عشر الميلاديين، والقرنين الخامس والسابع الهجريين، وعرفنا خلاله بعمق جماعة حسن الصباح، أو (الجماعة الباطنية الإسماعيلية)، أو (الجماعات السرية) التى انتشرت فى عالم الإعلام، والاغتيالات، وإذا نظرنا إليها، فهى تعد قاعدة للحركات الإرهابية، وكان لها باع فى تنفيذ الاغتيالات للحلفاء، والوزراء خلال صراعاتها الطويلة مع الفاطميين، والعباسيين، والسلاجقة، والخوارزميين، والأيوبيين، والصليبيين، وصولا إلى المغول، وهولاكو، كما جعلنا المسلسل نعيش فى فترة تاريخية مر عليها أكثر من 1000 عام، وصدّر الشخصيات غير العربية بعد أن اعتاد المشاهد العربى استخدام الفصحى فى المسلسلات التاريخية.
لم يكن هدف المسلسل تعرية الجماعات الباطنية فقط، حيث يكشف الأمراض الكامنة فى تاريخنا العربى، والتى أثرت فى وجودنا حتى الآن، وهذه قيمة الدراما التاريخية التى تعيش ويكون لها تأثير فى عالمنا الراهن، فحين تخوض الدول معاركها، أو تؤسس لأركان حضارتها، فإنها فى سبيل ذلك تستخدم كل قواها الناعمة وسيلة للإقناع دون الإكراه، أو التعنيف، لذلك وظفت الدراما لخدمة الأهداف غير المباشرة دعما للانتشار الناعم إقليميا، ودوليا، وهذا هدف ضمن عدة أهداف مشروعة حققها هذا المسلسل التاريخى الملحمى الرائع. وأخيرا، المسلسل نجح فى تحريك المياه الراكدة، فتحية لصناع هذه الدراما الملحمية الرائعة التى أقنعت المشاهد، وغزت الأسواق العربية، والعالمية باقتدار، وقد حقق لنا عبدالرحيم كمال هدفا عظيما أن جعل اللهجة المصرية، أو العامية، فصيحة فى الأسواق العربية، حيث تعتبر اللهجة المصرية عاملا مشتركا، وخيارا سهلا لفهم كل اللهجات.