السعدنى «الثانى»..!

الثلاثاء 14 من شوال 1445 هــ
العدد 50177
رحل فنان مصرى أصيل، عبر عنا، وقَرَ فى وجداننا «عمدة» الدراما المصرية.. إنه الراحل صلاح السعدنى (٨١ عاما- أكتوبر ١٩43- أبريل ٢٠٢٤).
عندما تظهر صورة صلاح السعدنى فى أى عمل، أو حديث نتذكر «سليمان غانم»، العمدة الأصيل فى «ليالى الحلمية»، و«حسن أرابيسك»، و«الجنوبى».. وغيرها من جواهر الدراما، والأفلام المصرية التى من خلالها أغنوا عقولنا، عبر كتابات أسامة أنور عكاشة، وبشير الديك، وصفاء عامر، وهى كتابات بديعة، وعميقة تجمع بين المتعة والتعلم، وعبقرية فن الكتابة وعمقها.
لقد جسد صلاح السعدنى الروح المصرية فى فن عبقرى يعيش عبر الزمن، وبين الأجيال، ولا يخفت، ولا يضعف، وكنا، ومازلنا، محتاجين لمن يكتب، ويُشخِّص، ويُعبِّر عن هويتنا المعاصرة بهذا العمق، والعبقرية الشديدة، والمتوهجة ورغم تجذرها فى التاريخ، فإنه قد مرت علينا ظروف ومناخات تستدعى من كل مصرى ومصرية إعادة تأكيد هويته، والتمسك، والاعتزاز بها إلى أقصى مدى ممكن حتى نبنى وطننا الذى يقوى بنا مع الزمن، ويكون العقل الجمعى للمصريين موحدا بينهم، وهؤلاء النجوم هم بناة، وصانعو هذا الوجدان المتجدد، وإذا كان صلاح السعدنى «عمدة» الدراما المصرية فإن شقيقه الأكبر (محمود السعدنى- ٢٠ نوفمبر ١٩٢7- مايو ٢٠١٠) هو الآخر أحد العُمد الكبار فى بناء الشخصية الحرة الساخرة عبر كتاباته المبدعة، وقد ظل بيننا قيمة فاخرة للكاتب الذى يطوع كلمته فتكون مصرية ١٠٠٪، كما ظل «الولد الشقى» حتى آخر يوم فى حياته «شيخا كبيرا» لمهنة الصحافة، فهو أروع من كتب أدب السيرة الذاتية، وسخر من كل شىء، وقال كل شىء بلا حرج، وبلا بحث عن مصلحة شخصية، فمن منا لا يتذكر «الطريق إلى زمش»، وذكريات فى سجن ناصر»، والموكوس فى بلاد الفلوس» فى هجرته إلى لندن، وكتب «مصر من تانى» .
رحم الله السعدنى الكبير، والصغير، فقد أعطيا عبقرية لزمانهما، وسنظل نتذكر الأول بكتاباته الساخرة التى تعبر عنا، والثانى بأعماله الفنية «أكثر من ٢٠٠ عمل بين مسلسل، ومسرحية، وفيلم»، حيث أدواره تحكينا، وتشخيصه لا يبعد عنا، ولذلك وصل إلى كل منا.