2025حكاية فكرةمقالات الأهرام اليومى

ما بين ناصر والسادات (1)

السبت 5 من ذي القعدة 1446 هــ
العدد 50552
لم يدهشنى، أو حتى أستغرب، كما حدث مع البعض، ما أُطلق عليه تسريب إلى الرئيس جمال عبدالناصر، وهو تسجيل صوتى مدته 17 دقيقة تحدث فيه الرئيس ناصر إلى معمر القذافى فى أغسطس 1970، وهو العام الذى رحل فيه الرئيس، رحمه الله، فى 28 سبتمبر 1970، أى فى نفس عام الرحيل.

إن عبدالناصر لم يكن جديدا، بل كان هو نفسه وهو يعلم تلميذه القذافى الذى وقع فريسة للشعارات التى طالت مصر ورئيسها ما بعد 1967.. كان هو المعلم الكبير الذى تعلم أكبر دروس التاريخ ما بعد هزيمة 1967، والذين عرفوا مصر أدركوا حجم المتغيرات الكبرى التى طرأت عليها، وعلى الرئيس نفسه، ما بعد يونيو 1967، فمصر قبلت بنتائج الحرب، ورفضت قبول الهزيمة، أو الاستسلام، وقررت فورا إزالة آثار حرب 67 بكل الوسائل العسكرية، والسياسية، والقانونية، وتغيير الأوضاع القائمة رغم عدم التوازن العالمى، والإقليمى السائد، ولعل ذلك ما يُحسب للرئيس ناصر وليس عليه، فقد كان هو الرئيس الذى قرر إعادة بناء الجيش، والاستعداد لاسترداد الأرض، بل الأكثر بناء لحائط الصواريخ التى حمت الداخل المصرى، ولذلك فإن عبد الناصر عاش لمدة 3 سنوات عظيمة، وصعبة، قبل رحيله يتذكرها المصريون لرئيسهم بإكبار وتقدير، خاصة ما بعد مذبحة بحر البقر ومقتل الأطفال.

لم يكن الرئيس والقيادة من الممكن أن يتركوا المصريين بلا دفاع مدنى بعد أن هُجر أهل القناة، وكل مدن بورسعيد، والسويس، والإسماعيلية، وأُغلقت قناة السويس، خاصة بعد أن طالت معاناة الحرب كل بيت فى مصر، وكانت قسوة حرب الاستنزاف قد وصلت للذروة، وكان عبدالناصر يتحدث كرجل الدولة القوى الذى يحافظ على بلاده، وله حساباته الدقيقة، ويعرف حقائق الأمور، والتوازن العسكرى الدقيق، والصعب، والمكلف بالكامل، ويشرح الوضع العربى بوضوح، وهو نفس الوضع الذى واجه الرئيس أنور السادات، رحمه الله، عقب توليه السلطة، وكان واضحا فى السياسة التى أطلقها، وحدد أنه جاء من أجل إزالة آثار عدوان 67، وهذا ما حققه، وقضى عمره الرئاسى فى تحقيقه لوطنه، وكان هدفا غاليا، وثمينا.. وغدا نكمل الحديث.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى