2025حكاية فكرةمقالات الأهرام اليومى

ما بين ناصر والسادات «2»

الأحد 6 من ذي القعدة 1446 هــ
العدد 50553
كان السادات ناصريا أكثر من الناصريين أنفسهم، ولكن كان مدركا لكل الأبعاد التى تحكم القرار المصرى، ولذلك لم يدهشنا ما يسمى «التسريب»، حيث وافق، رحمه الله، على قرار الأمم المتحدة 242، ومن بعده مشروع روجرز، والقرار والمشروع لم يبعدانا كثيرا عما قالوا وأُطلق عليه التسريب، فهما يفتحان مسارا لاسترداد الأرض المحتلة كاملة، ويقران بحق الوجود لدول المنطقة، أى يفتحان ما نطلق عليه «السلام وحل الدولتين» فيما بعد، وإعطاء الأولوية لتحرير الأرض الذى كان هدف الرئيسين ناصر والسادات، حيث لم يكن الرئيسان يرفضان أكلاف السياسة والحرب، بل يتحملان تبعاتهما، ولم يكونا بعيدين عن الحسابات، ومصالح التحرير والتقدم، بل سارا بقدرة المسئولية، وتحملها عن كل المصريين، بل العرب، حتى عن الذين لا يعرفون.

أعتقد أن اتهام مصر بالخيانة، والتخاذل، والاستسلام لم يكن وليدا لممارستها حقها فى التفاوض والتحكيم الدولى بعد انتصار 1973، ولكن كان سابقا عليهما، ويتحمله المزايدون البعثيون فى سوريا والعراق، والإخوان المسلمون. لقد أدركت مصر حقائق السياسة، ولم تمنع أحدا من حشد قواته وقدراته للقتال مع إسرائيل، ولكنها فى الوقت نفسه لم تخضع للابتزاز والمزايدة، ولم تجعل أحدا يركب ويقود سفينتها، أو سياستها، كما أن تاريخ مصر يحمل دائما الصراحة فى القضية الفلسطينية، ويكفى أن السادات هو الذى حصل للفلسطينيين على «أول حكم ذاتى لهم داخل أراضيهم»، وجاء ذلك فى الدولة الفلسطينية التى تضمنتها اتفاقية «كامب ديفيد» بين المصريين والإسرائيليين، كما أن نضالات المصريين السياسية والدبلوماسية فى القضية الفلسطينية، بعد استرداد أرضنا، لا تقل قوة أو قيمة عن النضالات فى المجال العسكرى، فمصر وقفت مع الفلسطينيين فى كل المحافل، وكانت تشرح لهم كل شىء، وتكشف كل الأبعاد بكل صراحة، ومن هنا يجب مصارحة الفلسطينيين بحقائق الأوضاع الدولية، وعدم ممالأة تيارات تجر الفلسطينيين إلى صراعات لا تتوقف، ولن تصل بهم إلى دولة أو تقرير مصير، فقضية فلسطين، وأوضاع الفلسطينيين لا تقبل بعد الآن المزايدات عليهم بأى أوهام أو تعمية بأفكار بالية، لأننا أمام قضية تحرر وطنى، واستقلال فلسطين يجب أن ينتصر، ويتحقق، وهذا ما كان يهدف إليه ناصر والسادات ومصر دائما.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى