المصريون قادمون على طريق أكتوبر 73

الأثنين 8 من صفر 1441 هــ
العدد 48517
وُلِدَ للمصريين المعاصرين تاريخ ملهم، ومتجدد، منذ 46 عاما مضت، كلمح البصر، أو يومُ لا يُنسي، ولن تطمره مرور السنين، بل سيزيده نصرا، ولمعانا، وبريقا، وتجددا، وحضورا، وكان أطول يومٍ فى تاريخ مصر، ومازال، يوم السادس من أكتوبر ميلاديا 1973، العاشر من رمضان هجريا، كان قدره أن يجتمع فيه الإلهام التاريخى (الميلادى والهجري) معا، ليصنع لأهل الحضارة القديمة، مصر العريقة، معنى كامنا فى ضميرها، هو النصر وروحه أصبح رأسا للسنة الوطنية، لهم، بلا منازع.
ونحن، الآن، فى مصر، نعيش فى ظله، وعلى الطريق نفسها نسير، وحدة وطنية وقفت ضد تفكك الوطن وانهياره وتقسيمه..واجهت التدخل الأجنبى فى شئونها، وسارت نحو البناء والتنمية، بروح لا تعرف الهزيمة، أو اليأس، وعاد المصريون يلتفون حول علمهم، ونشيدهم، وروحهم، الواثبة، والخلاقة.. حضارة قديمة، وأمة عريقة، مصممة على أن تعود إلى مكانتها، فى عالمها المعاصر.
لا يكتفى المصريون بأن تكون لهم دولة قوية فقط، فهم أمة عريقة لها حضارة قديمة، وسوف تواصل بناءها من جديد، ولن تكتفى بتاريخها القديم، والعظيم، أو مشاركتها فى الحياة الإنسانية به، فهى تعلم أنها كانت أول أمة، وأول حضارة إنسانية، بل إنها أصبحت الدرس الأول فى كل كتب التاريخ الإنسانى (الأوروبى والآسيوى والأمريكى والإفريقي).
وإذا كنا ومازلنا نتطلع، شعبا، وحكومة، أفرادا، ومؤسسات، إلى أن نعود إلى هذه المكانة الخالدة، فنحن ندرك أنها عملية صعبة، ومعقدة، ومتشابكة، فى ظروف عالمية، ومعوقات ضخمة، وجمة، ولكى نحققها يجب أن يتحمل كل مصري، ومصرية، تبعاتها، ولا يتردد، ولا يخاف، ولا يهاب، أن يكرر، دائما، ما حدث فى تاريخنا القريب، عندما واجهت مصر أعاصير السقوط، بعد هزيمة 1967، واحتلال أراضيها الظالم، لقد كانت هبّة المصريين، من يومها، دليلا واضحا على أنهم قاموا من كبوتهم، وواجهوا القوى العالمية، والإقليمية، المتربصة بهم، وبمكانتهم، من اليوم الأول، الهزيمة، قرأ العدو، والصديق، والعالم كله، أن المصريين المعاصرين ليسوا هم من يستكينون، ويقبلون الهزيمة، فدخلوا فى معارك قاسية، وصدورهم عارية، بالأسلحة الحقيقية، أسقطوا المدمرات، وواجهوا العدوان، ودخلوا فى حرب، من اليوم الأول، (حرب الاستنزاف)، المجيدة، ليقولوا للجميع: المصريون لن يقبلوا بالهزيمة كواقع، وسوف يهزمونها، وما هى إلا سنوات قليلة، من عمر الزمن، 6 سنوات، وسوف يعبرون القناة، ويدمرون تحصينات العدو، (بارليف وما قيل عنه)، معركة قاسية، بتكنولوجيا مصرية، حديثة، وإلكترونية، ابتكرها العقل المصري، ولم يستوردها، ولم يعلن عن إبداعه، وقدرته، إلا عندما حاصر العدو بسلاحه، المتقدم، وعلومه الحديثة، القادمة، رأسا، من مستودعات العالم المتقدم، وطلب العدو وقف إطلاق النار، واعترف بالهزيمة، وبدأ الجميع مرحلة جديدة، ومختلفة، على مصر، المنتصرة، وكلنا يعلم أن العقل المصرى لم يتوقف، من يومها، عن ابتكار الآليات السياسية، التى صنعت أهم مبادرة سلام فى التاريخ الإنساني، فانسحبت إسرائيل من كامل أراضينا، بل سلمت لنا كل حبة رمل، حتى طابا.
حرب أكتوبر المجيدة، وانتصاراتها العسكرية، والسياسية، التى أعقبتها، مازالت ملهمة للمصريين، فأعادوا بناء الجيش، والمعارك العسكرية، التى خاضوها، كانت قوة مصرية، وعلامة بارزة، صنعتها دولتهم، وشعبهم، بصمودهم، ولم يتحدثوا عنها، حتى الآن، ومازالت أسرارها لم تعلن، بعد، وتلك، والله، بطولة، يجب أن نذكرها لكل مصرى ومصرية، فى الجيش، أو فى الوطن، رفض الهزيمة، وصمم على رد الاعتبار، والانتصار، بعد ذلك، وكان لهم ما أرادوا، تحية لهم، فى يوم انتصارهم، ونحن مازلنا نعيش فى ظلهم، بل أرواح شهدائهم تطل علينا، وتلهمنا، وبطولات جنودنا، وضباطنا، تجدد النصر، وإعادة صناعة الحياة، على كل أرض مصر، تلهمنا مواجهة الإرهابيين فى الداخل، والخارج، وفى كل ربوع الوطن.
ما بعد 2011، وصعود المتطرفين، والإرهابيين، إلى قيادة مصر، رأينا الإرهابيين، وقتلة الرئيس السادات، وهم يحتفلون بنصر أكتوبر، وحولهم كل إرهابى رفض النصر، بل قتل قائده فى أكتوبر 1981، كان يوما مخزيا لكل الإرهابيين، لكن الوطن سرعان ما أزاح هذا الركام بغضب أكتوبر، وروح النصر، الذى صنعه فى سنوات قليلة، ولم يكتف بذلك، مثلما صنعنا مبادرات سياسية، أذهلت العالم، وجعلته يتكلم عن قدرات المصريين، وإرادتهم على صنع النصر، فأزحنا ركام الإرهاب، والتطرف، وانطلقنا، بعد ذلك، نصنع دولة جديدة حديثة، فى كل مناحى الحياة، لكنهم لا يريدون، فصمموا على مواجهة إرادتنا بإرادة أخري، فتكررت هجمات الإرهابيين، وأعوانهم، من حين إلى آخر، مُحاولةً هزيمة إرادتنا، من التحول من الهزيمة إلى النصر، ولكن مثلما صنع المصريون نصرهم العسكري، المبهر، ضد قوة عالمية كبري، وقوة إقليمية، ووقفت خلف العدوان الإسرائيلي، واحتلال أراضينا بعد 1967، سوف يصنع المصريون، بإرادتهم الحرة، نصرا، جديدا، تنمويا، واقتصاديا، وزراعيا، وخدميا.
طريقنا الجديد محاط بسياجات من العقل، والحكمة، والإرادة الفولاذية، سوف يستمر العمل، وسنصنع الأمل، ونغير وجه الحياة، بل نصنع مصريا جديدا مثلما تحقق عقب هزيمة 67 ونصر 73، فالمصريون، فى كل مكان، سيهزمون الإرهاب، والتخلف، والفقر، وسينشرون العلم فى كل ربوع المدن، وينشئون الجامعات، والمدارس، والمستشفيات، والمؤسسات، فى كل مكان، ويغيرون وجه الحياة، فى كل ربوع مصر، بالمصانع، والمزارع، والمعامل، والبحوث، المتطورة، والحديثة، فى كل مناحى الحياة. انتظروا.. المصريون قادمون.. الحضارات القديمة تستيقظ، وتعود بقوة، لأن عالمنا المعاصر متعطش إلى القيم القديمة، والحضارات الإنسانية العريقة..