2022حكاية فكرةمقالات الأهرام اليومى

أدغال.. بوريل!

الأحد 5 من ربيع الثاني 1444 هــ
العدد 49636
سقط ابن كتالونيا، أو السياسى الأوروبى الشهير جوزيب بوريل، مسئول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى، عندما خرج على كل الأعراف الدبلوماسية، وفى قلب الأكاديمية الدبلوماسية الأوروبية، وأراد أن يجامل الأوروبيين، فوصف أوروبا بأنها: «الجنة المحاطة بالأدغال فى كل العالم.. الكل يطمع فيها»، واستفاض الرجل فى شرح الجنة: لقد بنينا حديقة جميلة هى أفضل مزيج من الحرية السياسية، والرخاء الاقتصادى، والترابط الاجتماعى، ولكن ما حولنا هو الأدغال. صورة قاتمة لا تصدر من دبلوماسى أوروبى رفيع، وقد هالنى أنه إسبانى، فهو يعرفنا، وقريب منا فى الشرق.. يعرفنا الرجل، ولم تستطع جنته أن تحميه شخصيا، أو تنقذه من تناقضه الحاد، فهو الذى يعيش فى الجنة ولا يستطيع أن يزور مسقط رأسه، فهو مدافع قوى عن وحدة إسبانيا، وأهله من كتالونيا، مما جعل الانفصاليين الكتالونيين يعتبرونه خائنا، حيث تزايدت مشاعر الكراهية الكبيرة بينهما- طبقا لوصف الدبلوماسى الذى يعيش فى الجنة.

لم يلفت نظرى تصريحه الذى حمل، من وجهة نظر البعض، عنصرية بغيضة جعلت بعض السياسيين العرب، خاصة فى الخليج، يستدعون ممثلى الاتحاد الأوروبى، ويستفسرون ماذا يقصد بوريل؟!.. (اعتذاره لفت نظرى أكثر من تصريحه)، فاستفاض فى الشرح فى الفرق بين الجنة والغابة، وأنها تعبير أدبى ليس من اختراعه، وألقى باللائمة على المحافظين الجدد، بينما تبرأ من مدرسة الفكر السياسى، وحاول ربط حديثه بالأزمة الأوكرانية، وحاول كذلك أن يشرح، أو يبرر، هذا التصريح، فلم يستطع، ثم عاد إلى الاعتذار الصريح، والرجل لم يخطئ، بل عبر عن مكنون نفسه، وما يكتنف كبار الأوروبيين من نظرتهم إلى العالم من حولهم، وهو ما يعيدنا إلى العقلية العنصرية، والاستعمارية المخيفة.

أعتقد أن أبسط رد على ذلك هو أن نغير بلادنا، ونجعلها جنة، ونوقف الحروب الداخلية، وكلٌ منا يتفرغ لبناء بلاده، وكفانا انتظارا للغرب، والأوروبيين، فهم فى داخلهم مخاوف كثيرة من شعوبنا، وعالمنا الثالث الذى مازال متأخرا بالنسبة لهم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى