غزل المحلة..!
السبت 27 من رجب 1444 هــ
العدد 49747
سنقف فى مصر طويلا احتراما وتقديرا لدخول الحكومة لإنقاذ صناعة مصرية مهمة، هى صناعة الغزل والنسيج، وإعادة تأهيل أقدم قلاع تلك الصناعة بالمحلة الكبرى، فهى خطة لدخول مصر عصر التصنيع، وأن ننتج احتياجاتنا من الملابس، والمنسوجات، فهذه ليست صناعة ثانوية، وإنما بنية أساسية لا غنى عنها لقيام صناعة ملابس جاهزة فى مصر، وستكون مصانع المحلة قِبلة كل المصنعين للملابس الجاهزة، واهتمامهم.
أعتقد أنه على أكتاف تلك الصناعة سوف تزدهر صناعة الملابس المصرية، وتعود إلى سابق مجدها، ولا نكرر سيناريو استيراد مستلزمات إنتاج غذائنا، والتى ظهرت بشكل لافت أضرارها عندما انهارت سلاسل الإمداد للقمح، والزيوت، والصناعات الغذائية ككل، واعتمدت على الاستيراد المفرط من كل أنحاء العالم. إن صناعة الغزل والنسيج فى مصر صناعة قديمة، وغزل المحلة سبق كل الدول الآسيوية فى صناعة النسيج فى العالم، وكان الإنجليز هم أصحاب الفضل، مع طلعت حرب، فى ظهور تلك الصناعة، وأن تكون مصر هى مصدر احتياجات مصانع «لانكشير» فى إنجلترا، ومستلزمات الملابس الجاهزة لأوروبا، فمصر بلد القطن، والكتان، قبل ظهور البوليستر بسنوات عديدة، كما أن صناعة الغزل والنسيج فى مصر تأتى فى المرتبة الخامسة فى توفير العملات الأجنبية، بعد البترول، وتحويلات المغتربين، والسياحة، وعائدات قناة السويس.
ولهذا، فإننى أثمن عاليا عودة المحلة بمصانعها، وكفاءاتها، واستيراد معدات حديثة لها، لأنها صناعة كثيفة العمالة، وعمالتنا متشوقة إلى التدريب، والانضمام إلى قافلة الإنتاج الصناعى، ولكن يجب أن نحفز رجال الأعمال بالجدية المطلوبة، لأن توافر المواد الخام وحدها لا يكفى، فنحن فى حاجة إلى دراسة أذواق المستهلكين، ونوعيات الملابس، سواء فى السوق المحلية، أو الأسواق العالمية، كما أننا سوق استهلاكية كبيرة، ويجب أن يكون المستهلك المصرى راغبا فى منتجات بلاده، وأن نتفوق على الأسواق، والأذواق الأوروبية، والآسيوية، واحتراما لتاريخ المحلة ١٩٢٧، لا يعنى أن نهمل دراسات السوق الآن، ومستقبلا، وأن نحصل لهذه الصناعة على أفضل أنواع الإدارة الحديثة، والعمالة المدربة، ولنُطعمها بالقطاع الخاص، الذى أثبت مهارة، وتفوقا فى بيوت الأزياء العالمية، .
