الحدود الملتهبة..!

الخميس 21 من شوال 1444 هــ
العدد 49829
الأمر الواقع أسوأ أنواع الحلول، هذه الجملة تنطبق على الشقيقة السودان التى دخلت باب المفاوضات الواسعة بين أطراف الصراع بها، وتشكيل اللجان الطويلة التى تحتاج سنوات لا تنتهى.
لقد أصبح الباب مفتوحا ليس للحل النهائى، ولكن لتجميد الصراع بين أصحاب القوة الحقيقية فى السودان، ولعل التدخلات الإقليمية المتواصلة تُفلح فى وقف القتال لإعطاء الشعب السودانى فرصة لالتقاط الأنفاس، ومجرد الحياة، ووقف الهجرة الواسعة.
إن الحل فى السودان ليس سريعا هكذا يبدو، مثلما كان حل ليبيا هو الآخر بطيئا جدا وليس سريعا، وكذلك مثلما الوضع يعيش حالة من الانتظار الطويل للتعايش بين الفلسطينيين، سواء فى الضفة الغربية أو فى قطاع غزة، وهو يستلزم اتفاقا فلسطينيا- فلسطينيا، وهذا حلم طال انتظاره، حيث لن يستطيع أى طرف حل المشكلة الفلسطينية مع إسرائيل من دونه.. وهكذا اكتملت الحدود بين مصر (التى نحمد الله على نعمة الأمن والأمان بها بفضل وعى شعبها، وحكمة أبنائها البواسل والمخلصين فى جيشها وشرطتها) وبين جيرانها التهابا، حيث كلها صعبة، أو متجمدة، وتحتاج إلى حلول طويلة (داخلية) صعبة، وشائكة، وأرى أنها ليست جاهزة الآن، حيث كل فريق سوف يرتب أموره على هذا المنوال، وهذا ديدن الشعوب المغلوبة على أمرها، فما عليها إلا الانتظار، والتكيف مع الحلول المؤقتة، التى لا تحقق مصالحها عندما تندلع الحروب، وتصبح الدول بلا مؤسسات قادرة، أو حقيقية، بل مجموعة متناحرة بين أفراد، أو أحزاب ضعيفة تتنافس على مكتسبات لا تحقق المصالح العليا أبدا لبلادها، مثال ذلك لبنان الذى منذ الحرب الأهلية الطاحنة به لم تستطع أحزابه انتخاب رئيس، أو حكومة فعالة.
أعتقد أن بناء الدول ومؤسساتها ليست عملية سهلة، فهو يحتاج إلى تضافر القوى المحلية، ووعى الرأى العام، وتلك هى الرسالة التى حملتها مصر لأشقائها العرب منذ سنوات (حافظوا على بلادكم)، فالسقوط لا يعنى العودة السريعة، ولهذا أصبح علينا كمصريين أن نفكر جديا فى كيفية الإبحار وسط حدودنا الملتهبة بالاصطفاف خلف جيشنا وشرطتنا، والعمل والإنتاج، واستخلاص العبر والدروس مما يحدث حولنا.