مصر ومؤتمر «باريس»

السبت 6 من ذي الحجة 1444 هــ
العدد 49873
المؤتمر المالى العالمى الذى عُقد فى العاصمة الفرنسية باريس على مدى اليومين الماضيين، والذى حضره الرئيس عبدالفتاح السيسى، هو إحدى ثمار مؤتمر المناخ العالمى «كوب-٢٧» الذى عُقد فى شرم الشيخ بمصر نوفمبر الماضى، وعندما نقول إن العالم تغير بعد هذه القمة العالمية المميزة التى نظمتها مصر باسم إفريقيا، وتم فيها إقرار الاقتصاد الأخضر، والطاقة النظيفة، والتعويضات، أو صندوق الدول المتضررة من المناخ وتغيراته المخيفة- فنحن نقول الواقع، والأحداث التى تَعقُبه تُصَدِّقُ عليه.
لقد كانت مصر حريصة على التعبير عن العالم النامى بوضوح، وفى كل المجالات، خاصة احتياجاته لتوفير التمويل لتحقيق التنمية للبلدان الصغيرة، أو الاقتصادات الناشئة، وهو ما يتحقق تدريجيا على الصعيد الدولى، وهذا المؤتمر الباريسى مؤشر واضح عليه، وقد التقط الرئيس الفرنسى هذه الفكرة الاقتصادية، والمُنصفة، ودعا، باسم أوروبا وفرنسا، إلى هذه القمة التى يهدف من خلالها إلى خلق ميثاق، أو رؤية، وإرساء نظام مالى أكثر عدلا، وتضامنا لمواجهة التحديات العالمية المشتركة، وأبرزها الأوبئة، والحروب، والكوارث المتعددة الناجمة عنها، وكذلك عن التغيرات المناخية المختلفة، وظروف اللاجئين ومعاناتهم الشديدة.
كما كانت جلسة مصر هى الجلسة الرئيسية تحت عنوان «الشراكات من أجل النمو الأخضر»، والنقاط التى وضعها الرئيس عبدالفتاح السيسى ستكون نبراسا لنجاح هذا المؤتمر فى تحقيق أهدافه.
إن من يراقب السياسة المصرية الخارجية على الأصعدة المختلفة يستطيع أن يلتقط كيف تصنع الدولة «المكانة» فى عالم متغير أصبحت مصر فيه «قائدة» لإفريقيا، والشرق الأوسط، والمنطقة العربية، وأصبحت القاهرة هى همزة الوصل بين العالميِّن الغنى (أوروبا) والنامى (إفريقيا) ومنطقتنا، ولا ننكر أن استجابة فرنسا هى الأكثر تأثيرا الآن فى أوروبا لهذا الدور، والتحرك معه لصناعة عالم جديد، ومختلف، ولم يتحقق ذلك إلا عبر مسارين: التعاون الإقليمى البارز بين مصر والسعودية والإمارات، وأرض صلبة تقف عليها الإصلاحات الاقتصادية المتنوعة، والتنمية المستمرة فى كل أرجاء مصر، وتنافسها على جذب رءوس الأموال العالمية بعد بنائها أقوى بنية تحتية فى المنطقة، وتضاهى، بل تنافس عالميا فى مجال الطاقة، والنقل، والموانى.