الإيجار القديم..!

السبت 10 من محرم 1447 هــ
العدد 50615
بدايةً، القانون الجديد الذى أقره البرلمان فى نهاية الأسبوع الماضى لإيجارات المساكن القديمة، وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر- لم يبادر إليه البرلمان أو الحكومة، وإنما جاء بعد حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر فى 9 نوفمبر 2024 بـ«عدم دستورية الفقرة الأولى من المادتين 1 و 2 من القانون 136 لسنه 1981 فى شأن الأحكام الخاصة بتأجير، وبيع الأماكن، وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر»، أى أن القانون الجديد جاء كرد فعل مناسب لإنقاذ المستأجرين من الطرد الفورى لمصلحة الملاك، وإنهاء قوانين تعسفية منذ ستينيات القرن الماضي، وفرض أحوال قديمة، وتراكمات أضرت بالسوق العقارية، بل الاقتصاد المصرى ككل، وكانت وراء تجميد أكثر من تريليون جنيه مصرى على أقل التقديرات، حيث عقارات مهملة لا صاحب لها، لأن المالك انصرف عنها لعدم جدوى مردودها المادي، والمستأجر يستبيحها كأنها ليست موجودة فى السوق، وهى داخل اقتصاد مُطالب أن تحميه الحكومة والدولة، وأكثرها موجود فى الأحياء الشعبية أو المتوسطة بالمحافظات، وأصبحت آيلة للسقوط، بل منعدمة المرافق. أعتقد أنه عندما تدخل المُشرِّع (وهو هنا الحكومة والبرلمان) لإعطاء مهلة 7 سنوات لمستأجر العقارات، و5 سنوات للتجارى والصناعي، فإن هذه المهلة كافية لتسوية أوضاع قديمة بأسلوب مناسب، ولأن سوق العقارات مهمة للاقتصاد المصرى ككل، فإنها لا تحتاج إلى المنظرة، والخطابات الشعبوية، والإثارة من البعض (أننا نطرد السكان من منازلهم)، فهذه الأقاويل باطلة، بل مقيتة من مطلقيها، كما أن الإخوة البرلمانيين الذين تركوا التصويت، وخرجوا، وقدموا أنفسهم للشارع البرلمانى على أنهم (يجمدون الأوضاع القديمة بلا حل)، فإن تلك (حالات فردية) أمام عملية معقدة، ومخيفة للجميع، وللاقتصاد ككل. لقد أنهى القانون زمنا طويلا، وصداعا مزمنا، ولكن هذه القضية المركبة تحتاج إلى ضمانات حكومية لتعويض الكثير من المتضررين، خاصة كبار السن، وأن توفر لهم مساكن بديلة فورا، كما تحتاج إلى تعاون مثمر وفعال بين الملاك والمستأجرين، وأن يتم الانتقال إلى المرحلة التالية بالحفاظ على العلاقات، والسلامة المجتمعية، وأخيرا، يكفى البرلمان أنه لو لم يكن هناك شىء يقره فى الدورة الراهنة لكفاه إقرارهذا القانون الجديد للعقارات حمايةً للمجتمع ككل، وليس الملاك والمستأجرين وحدهم، بل الاقتصاد الكلى معهم.