الحروب المحرمة..!

الأثنين 20 من ذي الحجة 1446 هــ
العدد 50596
استيقظنا صباح الجمعة الماضى على كابوس أو زلزال نتائجه العسكرية والسياسية مازالت غاطسة تحت نيران الضربات بين طرفين: ما قامت به إسرائيل بالضربة الأولى للمعركة الخاطفة التى لا نتوقع لها فقط أن تكون أصابت فى مقتل الصف الأول من القادة العسكريين بالجيش والحرس الثورى، بل طالت الجسم الرئيسى لكبار علماء الذرة الإيرانيين، والرد الإيرانى على ضربات إسرائيل، فى الوقت الذى كنا ننتظر فيه نتائج المفاوضات الدائرة فى مسقط بين أمريكا وإيران حول الملفات العالقة.
أعتقد أن الحرب التى كانت فى منطقتنا بالوكالة منذ 7 أكتوبر 2023 وحتى الآن أصبحت مباشرة بين إيران وإسرائيل، رغم أن ذيولها مستمرة على الأراضى الفلسطينية فى غزة والضفة الغربية، وتأثيراتها على أكثر من 4 عواصم عربية، بل إن الصواريخ تنطلق فى كل أجواء المنطقة بلا حرمة للدول وشعوبها فى حرب مباشرة جوا وبحرا وبرا تشترك فيها أجواء أكثر من الدولتين المتحاربتين، غير آبهتين بالدول المجاورة تدخلان على أجوائها من دون استئذان، ولذلك يجب أن يتدخل الجميع (أمريكا، وروسيا، والصين، والمنظمات الدولية، والأمم المتحدة) لوقف هذه الحروب المحرمة، ولا يكون لإحداها مصلحة فى استمرارها، فالخسائر ستطول الجميع، بل هى فادحة فى غزة، ولبنان، واليمن، وسوريا، حتى الأردن، وأجواؤنا تشعر بالمخاوف الحادة، ولذلك فإن هذه الحرب الدائرة لا تحتاج انتظارا لحصر الخسائر، ولا تحتاج إعلان انتصار أو هزيمة طرف، فالطرفان المتعاركان مباشرة يخسران، والمنطقة تخسر معهما كل شىء، ولا يمكن لأحد أن يقبل العدوانية والتوحش الإسرائيلى على الإيرانيين مستندين إلى الدعم الأمريكى والغربى، والصمت الصينى والروسى المريب، والمعركة غير المتكافئة. وأخيرا، فإن الحفاظ على مستقبل المنطقة من الاندفاع إلى مزيد من النيران، وضرب المدن الكبرى فى الشرق الأوسط، أو حتى إغلاق المعابر البحرية، أو جذب أطراف من الدول الكبرى إلى هذه الحرب والمحرقة التى تندفع فيها المنطقة منذ أن تفجرت أحداث أكتوبر 2023، وتأثيرها على مجمل دول الشرق الأوسط والعالم العربى ـ يحتم على الجميع التدخل للجم هذه الحرب المحرمة التى دفعت فيها غزة ثمنا ضخما، وكذلك اليمن ولبنان وسوريا، فالمحرقة والحروب تدمر المجتمعات والدول، وأطرافها جميعا خاسرون.