الشرق الأوسط.. والعام الجديد

الأثنين 12 من جمادي الآخرة 1445 هــ
العدد 50057
ها هو العالم يدخل الأسبوع الأخير من عام ٢٠٢٣ وكنا نتصور، ومازلنا نأمل، أن تكون هناك انعطافة فى الحرب التى يشنها الاحتلال الإسرائيلى على غزة تشمل استئناف المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار، والإفراج عن الرهائن، بل نتطلع إلى روح يسودها شىء من التفاؤل بعد التدمير الشامل، والهائل الذى ليس له مثيل لمدينة فى العالم، والذى قد حدث فى غزة، وأسفر عن تشريد الملايين، ومئات القتلى، والمصابين، وأن يتفق الأمريكيون والإسرائيليون دون خلافات بينهما على مرحلة الإنقاذ العاجل، وبحث إجراءات التخفيف من الأزمة الإنسانية فى غزة، والتى وصلت إلى مرحلة حرجة، ودقيقة، ومستعصية لا تؤثر على الفلسطينيين وأشقائهم العرب وحدهم، بل المنطقة، والعالم، ومستقبل الاستقرار، ولعلها تؤثر فى مستقبل إسرائيل الإقليمى نفسه، وفى دور أمريكا العالمى كذلك.
إن حجم التدمير، والقنابل التى أُلقيت على غزة فاق إطلاق القنابل الذرية فى الحرب العالمية الثانية (هيروشيما ونجازاكى)، ولكنها لم تستطع أن تهزم أنفاق غزة، أو تستخرج رهينة واحدة، حتى الرهائن الثلاث الذين خرجوا معلنين استسلامهم لم تصدقهم إسرائيل نفسها، وخافت من الكمين الحمساوى، وأطلقت عليهم النار، فقتلتهم، وأعلنت للإسرائيليين، والمجتمع العالمى عدم قدرتها عسكريا على إدارة حرب مدن بهذا المستوى، وأنها تعلن مقدما أنها لن تحقق أى أهداف عسكرية، وستكتفى بالتدمير، والحصار، وطرد السكان، وتلك ليست حربا عسكرية، بل حرب إبادة تدمر المنطقة كلها، وليس أهل غزة فقط.
أعتقد أن الوضع المعقد، والمتشابك فى غزة لن يكشف فقط عن العجز الإسرائيلى، أو الضعف الأمريكى فى تصحيحه، بل يشير إلى اتساع رقعة الصراع، ودخول الشرق الأوسط فى مأزق ضخم، ويكفى أن نشير هنا إلى التحالف الذى تكونَ فى البحر الأحمر لمواجهة الاعتداءات على السفن، وتهديد الممرات البحرية لكى يكون العالم كله مرشحا لحالة حرب جديدة مستعصية لن يستطيع أى طرف من أطرافها تحقيق أى هدف حيوى، أو عسكرى إلا مزيدا من الانخراط فى أزمة عسكرية، وحرب قد تتسع، وتخرج عن سيطرة القوى الكبرى، بل القوى الإقليمية، فهل هى حالة من التشاؤم، أم تقرير حال؟!