كتاب بلا كاتب بتوقيع الذكاء الاصطناعى «1»

الأربعاء 2 من ذي القعدة 1446 هــ
العدد 50549
كتاب آسر، ومؤلف مجهول.. هكذا، بدأت رحلة الصحفيين حول العالم فى البحث عن كاتب اسمه جيانوى شون من هونج كونج، لم يسمع عنه أحد من قبل. ولكن، فى الأول من ديسمبر الماضي، أصبح شون حديث الناس، بعد صدور كتاب بعنوان «الهيبنوقراطية: ترامب، ماسك وهندسة الواقع»، فى إيطاليا والمقصود بمصطلح «هيبنوقراطية» هو «حكم التنويم المغناطيسي». فمن هو جيانوى شون؟ على الغلاف الخلفى للكتاب نجد تعريفا مقتضبا بشون: «جيانوى شون هو فيلسوف ومنظّر فى وسائل الإعلام يركز عمله على تأثير التقنيات الرقمية على الوعى الجمعى» والهيبنوقراطية هو أول كتاب له مترجم إلى اللغة الإيطالية.
ولكن بعد محاولة عدد من الصحفيين البحث عن طريقة للتواصل مع شون من أجل إجراء مقابلة معه حول إصداره الجديد، اتضح، بشكلٍ صادم للجميع، أن شون فى الحقيقة غير موجود!!
ترد فقط سيرة ذاتية مقتضبة لشون على بعض المواقع: «محلل وفيلسوف ولد فى هونج كونج» ليست هناك أى معلومات إضافية، كما أن صوره القليلة اتضح، بعد التدقيق، أنها مصنوعة بالذكاء الاصطناعي. وقد اكتشفت الصحفية الإيطالية سابينا ميناردي، بعد محاولات متكررة لإجراء مقابلة مع المؤلف المزعوم، أن الاسم لم يكن سوى اسم مستعار لعمل حرره المفكر الإيطالى أندريا كولاميديشى بالتعاون مع الذكاء الاصطناعي، فى إطار مشروع فلسفى يهدف إلى كشف تأثير الذكاء الاصطناعى فى إنتاج خطاب متلائم ومقنع، وبعد الكشف عن الهوية الحقيقية لمؤلف الكتاب، أضيفت على الموقع الإلكترونى الخاص بالعمل الفقرة الآتية «بعدما عرف الناس أن شون ليس شخصا حقيقيا بل نتيجة تعاون بين إنسان وذكاء اصطناعي، لم ينته المشروع، بل دخل فى مرحلة جديدة».
هذه المرحلة تظهر أن شون هو مثال على طريقة تفكير جديدة، لا تأتى فقط من عقل بشرى واحد، بل من تعاون بين البشر والآلات.
شون أصبح اليوم وسيلة لاختبار أفكار وأساليب جديدة فى الفلسفة، ويساعدنا فى فهم كيف يمكن أن ننتج أفكارا مختلفة عندما نعمل معا – بشرا وآلات، بدلا من الاعتماد فقط على كاتب واحد أو عقل فردي. فهل نشهد اليوم نهاية المؤلف مثلما نعرفه؟ هل تحول المؤلف من إنسان يستعين بأدوات تقنية، إلى مستوى آخر أكثر جذرية من التفاعل بين الإنسان والآلة؟.. وللحديث بقية.