جنون التسلح..!

السبت 4 من رجب 1446 هــ
العدد 50433
مع بداية العام الجديد، كيف نصنع السلام فى ظل جنون التسلح عالميا؟.. أعتقد أنه مع تزايد مشاهد العنف والدمار فى مناطق مثل الشرق الأوسط وأوكرانيا، يبدو العالم غارقاً فى سباق محموم نحو التسلح، حيث معروف للقاصى والدانى أن القوة العسكرية هى وسيلة أولى للدفاع والسيطرة، لكنها تستخدم أحيانا للتعبير عن الهيمنة على المسرح الدولى، وفى هذا السياق نجد أن الدول تتنافس على تعزيز موازناتها الدفاعية، وابتكار أسلحة أكثر فتكا، إذ تسببت الحروب الدائرة فى العالم خلال العامين الماضيين فى تحقيق شركات الأسلحة مبيعات قياسية، حيث دفعت المخاوف من اتساع رقعة الحرب «الروسية – الأوكرانية»، بجانب التوترات التى حدثت فى الشرق الأوسط، على خلفية التدمير الذى تحدثه إسرائيل فى غزة ولبنان، علاوة على الصراعات فى أماكن أخرى – الدول إلى زيادة مستويات إنفاقها الدفاعى، وأصبحت لغة السلاح هى السائدة عالميًا. فبحسب تقرير «معهد ستوكهولم لأبحاث السلام» (سيبرى) باعت أكبر 100 شركة أسلحة فى العالم عددًا كبيرًا من الأسلحة الثقيلة فى ضوء الحروب حول العالم، مما أدى لنمو مبيعاتها من المعدات الدفاعية، والخدمات العسكرية، فالصراع فى أوكرانيا،على سبيل المثال، أبرز أهمية الطائرات المسيرة، وتقنيات الحرب السيبرانية، مما دفع الشركات للاستثمار بكثافة فى هذا المجال، ومع اندلاع الحرب فى غزة بلغت عائدات الأسلحة للشركات الثلاث الموجودة فى إسرائيل 13.6 مليار دولار، وكان هذا أعلى رقم تسجله الشركات الإسرائيلية ضمن أكبر 100 شركة حسب «معهد ستوكهولم لأبحاث السلام» على الإطلاق. لقد حفزت الحروب المترامية على أطراف كوكب الأرض مبيعات الأسلحة العالمية حتى بلغت أرقامًا قياسية، متنوعًة بين الطائرات المسيرة، والقنابل اليدوية، والدبابات، والصواريخ.. وغيرها من الأسلحة الثقيلة، وبرغم المكاسب الاقتصادية، والتكنولوجية، فإن ثمة أثرا سلبيا بالطبع على الِسلم، والاستقرار العالمى، فمخاطر سباق التسلح، وانتشار الأسلحة المتقدمة لا حصر لها، ففى كل عام يتم إنتاج 12 مليار رصاصة؛ أى ما يكفى لقتل كل شخص فى العالم مرتين، ولذلك فإن تجارة الأسلحة غير المسئولة تؤثر على من يعيشون داخل وخارج مناطق النزاعات المسلحة، والرقم وحده يكفى، حيث يموت أكثر من 500 شخص على مستوى العالم يوميا بسبب العنف المرتكب بالأسلحة النارية، فماذا بعد؟