الصومال.. والرسائل المصرية!

الأحد 26 من رجب 1446 هــ
العدد 50455
التطور المهم، والملموس، فى علاقات مصر والصومال، والذى تُوج بين الرئيسين عبدالفتاح السيسى وحسن شيخ محمود، بتوقيع اتفاقية الشراكة الإستراتيجية – هو أن هذه القمة حملت رسائل مصر للإقليم، ومعانىَ سامية سيتوقف أمامها عالم الدبلوماسية طويلا، لأنها تعكس قدرة الدبلوماسية، والقيادة الحكيمة المصرية التى تحركت لوقف الأزمات المستعصية، والتى تثبت أن النفوذ الحقيقى لا يُقاس بكم الأسلحة، والتهديدات للمصالح، بل بثقل الدول، وقدرتها على التأثير فى مجريات الأحداث بما يحقق مصالح الجميع، ويعكس مصداقيتها التى تحقق مصالح كل الأطراف. لقد ظهرت ملامح قوة مصر فى أبهى صورها، لأنها لم تكتفِ بالدعوات إلى السلام، بل اتخذت خطوات عملية بإرسال جنودها إلى الصومال لتعزيز الأمن، والاستقرار، وفقا لبروتوكول التعاون العسكرى الموقع العام الماضى بين الدولتين، فى إطار المسئولية المصرية الإقليمية، وحماية المصالح المشتركة، فى ظل تحديات متلاحقة تواجه المنطقة، منها الاتفاقات الأخيرة الموقعة بين إثيوبيا وأرض الصومال، والتى تهدد استقرار الصومال، ووحدته، ولأن الصومال يحتل مكانة كبيرة فى الإستراتيجية المصرية تجاه منطقة القرن الإفريقى، لأهميته متعددة الأبعاد إستراتيجيا، واقتصاديا، وأمنيا، فهناك العديد من الملفات الحيوية التى تشملها تلك الإستراتيجية، والتى تأخذ بعين الاعتبار أمن البحر الأحمر، وملف السد الإثيوبى الذى أصبح عبئا على أديس أبابا نفسها من ناحية الزلازل، وعدم القدرة على توليد الكهرباء منه، رغم تأثيراته الضارة كذلك على دولتىّ المصب (مصر والسودان)، والصراعات العرقية، والطائفية، وظاهرة تنامى الأنشطة الإرهابية، والتنافس بين دول عديدة لضمان الوجود، وخلق النفوذ الذى يكفل لها تعظيم المكاسب فى هذه المنطقة. وأخيرا، فإن مصر تعمل على توطيد العلاقات بدول الجوار، وبناء على ذلك فعلت مع الصومال، وإريتريا شراكة إستراتيجية تسهم فى تحقيق مصالح الجميع، ورفض محاولات تقسيمهما، والمساس بسيادتهما، مؤمنة بأن التعاون الاقتصادى وسيلة مهمة لتحقيق «الاستثمار المشترك»، وتبادل الخبرات، ودعم وسائل النقل الجوى، والبحرى، والتعاون الأمنى، ونشر روح التعاون الإنسانى، وهى مجالات مهمة للتقريب بين الشعوب فى فترات الأزمات، والكوارث لتخفيف آلامهم، ومعاناتهم، وتحسين أوضاعهم المعيشية، ومواجهة الخصوم، والمنافسين.