2025حكاية فكرةمقالات الأهرام اليومى

حين ألهم القرآن بوشكين

الأثنين 17 من رمضان 1446 هــ
العدد 50505
ما أحلى أن تقرأ بوشكين شاعر روسيا، أو شاعر روسيا الأكبر، أو الأب الروحى للأدب الروسى الحديث فى رمضان، وتهرب من الصخب بلا محتوى، وعندما تتمعن ما كتبه عن القرآن الكريم والإسلام ستجد أنك أمام أعجوبة تهزنا. ألكسندر بوشكين (1799- 1837) هو للروس بمثابة شكسبير لبريطانيا، وشيلر لألمانيا، والمتنبى عند العرب.. هو ظاهرة خارقة، ولعل هو الظاهرة الوحيدة التى تجلت فيها الروح الروسية، ولذلك ندعو أزهرنا لأن يقرأه، خاصة إسلامياته، ويتحاور به مع أصحاب الإسلاموفوبيا المنتشرين حولنا، وفى عالمنا، خاصة فى عصر الإرهاب الحالى، فهو بحق من الأدباء الذين يتحلون بصفة شعراء الإنسانية، ويسمون فوق أى مخاصمات عرقية، أو دينية، كما أن قيمه تتجاوز صراع الحضارات.

إن بوشكين لم يعش طويلا، فقد رحل عن عمر 39 عاما، لكنه خلد، وسيخلد طويلا، وكان يعرف ذلك، حيث كتب «كلا لن أموت.. جسمى سيفنى.. روحى ستبقى حية ما بقى على الأرض شريف واحد.. سيجتاز صيتى بلدى.. سيذكرنى كل إنسان فوق الأرض».. صحيح يا بوشكين لغتك حية وأفكارك كذلك حياة، بل نحن المسلمين فى الأرض لا ننساك، ونقرؤك حتى فى مواسمنا الدينية. لقد كتب بوشكين لأخيه وهو فى المنفى بالقوقاز «أنا الآن أعمل من أجل القرآن العظيم، فقد وجد فى قرآننا، وسيرة رسولنا ضالته للتعبير عن قيم الحب، والخير، والجمال، كما رصد النقاد أن القرآن الكريم أصبح مصدر شاعرنا الروسى، لاسيما حين تعوزه التعبيرات عن الأفكار البطولية، والشجاعة الصلبة، والنضال المنكر للذات، فقد قرأ القرآن باللغتين الروسية والفرنسية، بل سمع ترتيل القرآن باللغة العربية، إذ أسرته شاعريته العفوية وموسيقاه، واستغرب النقاد الروس هذا من بوشكين، ولم يجدوا سببا إلا أنه يرجع إلى أصول إسلامية إفريقية لجده لأمه إبراهيم هانيبال المسلم، لكن الحقيقة لا علاقة لها بالأصول، أو الجذور، وإنما الإلهام للشاعر الكبير، وحين ندرك أهمية أشعاره يكفى أن نعود إلى قصائده (محاكاة القرآن، والمغارة السرية والنبى) المتضمنة قبسا من كلام الله. وأخيرا، فإن بوشكين من الأدباء الذين أدركوا رحابة، وسماحة دين ونبى الإسلام، ما يتوجب علينا إلقاء الضوء عليه حتى نبدد الغيوم، والصراعات، والأحادية التى صبغت حاضر أيامنا، وغدا نلتقى مع جوته ورسولنا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى