الحرب الجديدة عنوانها التهجير

الأحد 23 من رمضان 1446 هــ
العدد 50511
حرب غزة هى الفصل الأكثر تدميرا فى عقود من صراع دولة الاحتلال الإسرائيلى الوليدة، والمغتصبة لأرض فلسطين التاريخية،، وهى الحرب الأطول منذ نشأة هذه الدولة، والمدعومة أمريكيا. إحدى صور الدعم الأمريكى الأخيرة، توجيه الرئيس ترامب تحذيرا شديد اللهجة لحركة المقاومة الفلسطينية حماس عبر منصته (تروث سوشيال)، مستهلا تهديده بعبارة «شالوم حماس»، وموضحا أن الكلمة تعنى «مرحبا ووداعا» فى آن واحد!، وقد طالب ترامب الحركة بـ«الإفراج الفورى عن جميع الأسرى، وإعادة جثث القتلى»، مهددًا بأن عدم الامتثال سيؤدى إلى نهايتهم، وبالفعل لم يكد يمضى أسبوعان على ذلك التهديد حتى أمطرت الطائرات الإسرائيلية سماء غزة وأرضها بالقنابل، وذلك فى هدأة السحور الرمضانى، حيث لم تكد غزة تلملم جراحها من عدوان ضروس استمر قرابة العام ونصف العام، ومع كل تصعيد عسكرى إسرائيلى ضد غزة، يتكرر التساؤل: هل هذه حرب تكتيكية لإضعاف المقاومة، أم خطوة فى مخطط إستراتيجى طويل الأمد (التهجير) لتغيير الخريطة السكانية والسياسية فى فلسطين؟. لقد بات جليا أن المسألة ليست أن الصهيونى يريد استرداد أسراه لكى تتوقف المذبحة، فكل الوقائع تنطق بأن المذبحة هدف فى حد ذاتها، والإبادة هى الموضوع الرئيسى الذى لن ينتهى إلا بإخلاء غزة من الفلسطينيين، وهذا ما تلتقى عنده إرادتان ورغبتان: أمريكية، ممثلة فى دونالد ترامب، وإسرائيلية (بنيامين نيتانياهو)، وفى سبيل ذلك سيفعل نيتانياهو أى شىء بلا تردد أو تفكير فى العواقب (نحو 500 شهيد جديد فى نصف ليلة) لم يتوقف خلالها القصف الوحشى، وكأن الحرب لم تتوقف يوما، بل عادت أشرس، لتبدو الصورة الحقيقية هى إطلاق أمريكا يد إسرائيل فى تنفيذ الحد الأقصى من عمليات القتل، والإبادة، والتدمير، مما يجعل قطاع غزة مكانا لا يصلح للحياة، سواء للجرحى أو الأصحاء، وتتواصل المقتلة، حتى يصبح غالبية السكان مصابين وأهالى مصابين وأطفالا مصابين أيضا لا يجدون الحد الأدنى من العلاج اللازم فى هذا الجحيم، ويبقى السؤال: إذا لم يكن هذا سيناريو متفقا عليه للتهجير الناعم المُخبأ فى غلاف إنسانى براق كما أراد ترامب فماذا يكون التهجير إذن؟!.