زيارات بلينكن .. وتعميق المخاوف!

السبت 13 من رمضان 1445 هــ
العدد 50146
فى رحلة بلينكن السادسة كشفت لنا الأمور عن أن فى الأفق متغيرات يجب وضعها فى الحسبان، فى مقدمتها أن بنيامين نيتانياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلى، لم يعد الحاكم الفعلى لتل أبيب، فقد أصبح فى قبضة «اليمين» الذى نعرف أنه الأكثر تطرفا فى تاريخ إسرائيل، ويدفع المنطقة كلها إلى حافة الانهيار، وهذا اليمين يدفع رئيسه (نيتانياهو) بجرأة ليتحدى البيت الأبيض، ويقول له « لا»، وقد استطاع بالفعل أن يواجهه فى فكرة استدعاء السلطة الفلسطينية لإدارة غزة بعد الحرب، والموافقة على إقامة دولة فلسطينية، ووَضُحَ لنا الدعم (اللامتناهى) الذى تقدمه واشنطن لتل أبيب، من توريد السلاح، والدعم الدبلوماسى من خلال منع إصدار قرارات تدين حربها ضد غزة فى مجلس الأمن.
ورغم التناقضات فى المواقف بين بايدن ونيتانياهو، فإن القضية تسير فى اتجاه واحد، حيث إن أى عملية عسكرية فى رفح ستكون مخاطرها شديدة، وستنتج عنها عواقب إنسانية وخيمة، وخطيرة، وسيكون لها أكبر الأثر فى مضاعفة ما يشهده القطاع حاليا من وضع إنسانى كارثى لم يحدث من قبل فى كل تاريخ الحروب، ويكشف، ويُعرِّى الضعف الأمريكى شديد التأزم، وأصبحنا الآن فى مواجهة حقائق، حيث يصر نيتانياهو على تدمير حماس، برغم أن الاستخبارات الأمريكية، فى تقريرها السنوى، أكدت أن تدمير حماس بشكل كامل قد يستغرق سنوات، وأصبح الرأى فى واشنطن، ودوائر كثيرة فى إسرائيل، أهمها أولمرت، أن وجود نيتانياهو على رأس السلطة يضر بإسرائيل، وأنه يلعب على التناقضات بين الحزبين الجمهورى والديمقراطى، مستغلا عام الانتخابات، وبالتالى فإن رحلة بلينكن، ومسكناته للمنطقة، لم تزد إلا حالة القلق، والمخاوف العميقة بشأن تنفيذ إسرائيل عملية برية فى رفح.
ولعلنا نتفق تماما مع ما يقوله جاك سوليفان، مستشار الأمن القومى للبيت الأبيض، من أن العملية قد تمنع دخول المساعدات الإنسانية التى تشتد الحاجة إليها من مصر إلى غزة، وتعزل إسرائيل دوليا، وتضر بمعاهدة السلام المصرية – الإسرائيلية، وبالتالى فإن عودة بلينكن للمنطقة زادت المخاوف، وعمقتها، ولم تهدئ منها.