جريمة رفح.. والطوق الأخير

السبت 18 من شوال 1445 هــ
العدد 50181
ما يحدث فى غزة يجب أن يتم توصيفه بدقة، فهو ليس حربا، بل عدوان سافر، وهمجى على الأطفال، والنساء، والشيوخ، والمرضى، وذوى الإعاقة، وليس هناك جيوش فى العالم تحارب شعبا أعزل إلا جيش الاحتلال الإسرائيلى الذى وصل عدوانه إلى الإبادة، والتجويع، والتشريد لشعب غزة.
إن جريمة إسرائيل، أو حكومة بنيامين نيتانياهو، أصبحت مكشوفة أمام العالم، فيكفى أن نشير إلى الجامعات الأوروبية، والأمريكية التى خرجت عن بكرة أبيها لرفض حالة الإبادة، والتجويع، والعدوان على غزة، وأهلها.
نحن أمام جريمة كاملة لن تسقط أبدا بالتقادم من ذهن العالم، ولن تضيع معالمها على الإطلاق، حيث قتل التعايش، والاتجاه نحو اجتياح الجزء الجنوبى من غزة، أى مدينة رفح التى يتجمع فيها أكثر من مليون نازح من أجزاء أخرى من القطاع الذى أصبح لا يصلح للحياة.
إن الدولة المصرية، ممثلة فى الرئيس عبدالفتاح السيسى، تدير هذا الصراع باحترافية رائعة، ومازالت تحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه، ودفع الجميع إلى فهم ما يحدث، وتقدم كل يوم للعالم دليلا جديدا يراهن على حرفيتها، وإصرارها على الحل، وأنها لن تسمح بتهجير، أو تصفية القضية الفلسطينية أبدا تحت أى ظرف، وأنها ليست وحدها التى ترفض العدوان على رفح، ولكن معها العالم كله، إن لم يكن الإسرائيليون أنفسهم الذين يفهمون هذا المعنى، ويدركون إبعاد جريمة رفح التى يقترب منها نيتانياهو الذى يطالبه العالم، والإسرائيليون بالاستقالة، ليختاروا حكومة جديدة تكون قادرة على إدارة هذا الصراع المعقد، وتحقيق مصالح الجميع بعد أكثر من ٦ أشهر.
أعتقد أن ما لجأت إليه مصر مؤخرا من هدنة بعقلية هادئة، ومتزنة، يحمى المنطقة، بل يحقق استقرارها، حيث تتم الهدنة على مرحلتين، بفاصل زمنى ١٠ أسابيع يسمح بإطلاق كل الأسرى، ويوقف القتال لمدة عام، بعد التزام كل الأطراف بعدم إطلاق النار، والبدء فى تنفيذ التحركات لإقامة الدولة الفلسطينية، ولذلك يجب على رعاة السلام، والاستقرار أن يحموا مبادرة القاهرة، فهى «الطوق الأخير» قبل الطوفان الحقيقى الذى ينتظر هذه المنطقة، فهل يكون العقل حاكما لتصرفات الجميع؟!