ما بعد جريمة «البيجر»!

السبت 18 من ربيع الأول 1446 هــ
العدد 50328
أيا كانت مسميات ما حدث فى لبنان فهو «إعصار» سيغير قواعد الحروب فى العالم، وهو «جريمة حرب» كاملة الأركان، فهذا «الهجوم السيبراني» أوقع آلاف المصابين والضحايا، وأيا كانت تفسيراته فهو ليس انتصارا عسكريا.. قد يكون «تكتيكيا» انتصارا لرئيس الوزراء الإسرائيلي، ولكن أى عسكرى واقعى يجب أن يدرس ما حدث بالفعل، ويضع ملابساته، فهو له وعليه، وإذا اُستخدم فى الحروب فإنه سيغير وقائع كثيرة، ويجعل العالم الذى نعيش عالمًا مخيفا تماما.
أعتقد أن حكومة إسرائيل، وجيشها، فى حربها الأخيرة التى تشهدها منطقة الشرق الأوسط، والتى تقترب من العام، ارتكبت جرائم متعددة، ومخيفة، وأبسط شيء يمكن أن نطلقه عليها أنها لا أخلاقية، حيث المجازر المتنوعة، والإبادة البشرية من حصد أرواح الأطفال، والنساء، والشباب، والشيوخ إلى تدمير المدن، وقد أرسلت لشعوب منطقتنا كلها رسائل محملة بالمخاوف الكبيرة تستدعى من كل دول المنطقة إعادة ترتيب أمورها مع دولة الاحتلال من جديد على أسس مختلفة، وأخذْ الأمور معها من أوجه عديدة، لأنه أيا كانت مسببات هذه الحروب بالنسبة لإسرائيل، فليس أمامها إلا أن تعترف بأنها بهذا الأسلوب الذى تستخدمه فى غزة ولبنان تكاد تقول لأهل المنطقة جميعا «أنتم أمام مجرم لا يعرف الفرق بين المدنى والعسكرى، وليست له أى قواعد لاحترام الحياة الإنسانية».
إذن نحن أمام عدو يتفوق على النازية، والفاشية، والإرهاب، ولا يخضع فى حروبه لأى قواعد إنسانية، أو يحترم أى قوانين دولية، ويضرب عُرض الحائط بالحق الفلسطينى فى الحياة قبل حقه فى تقرير المصير، وإنهاء الاحتلال، وحقوق الطفل الصغير، والكبير، بل يهدم المدن، ويدمر الحياة كاملة، ثم يستخدم، ويفخخ وسائل الاتصالات فى لبنان، ويضع شركات إقليمية وعالمية فى موضع الاتهام، ويُخضع، ويُدمغ شركات عديدة بالاتهامات بـ«الجريمة الكاملة».
إن جريمة البيجر تشى بأن إسرائيل لن تتورع عن ارتكاب أى جريمة فى حروبها، فهى بلا عقل، وبلا ضمير، ونحن أمام دولة مارقة، وتستحق أن تكون منبوذة، كما قال الأمين العام للأمم المتحدة، من العالم كله، وفى الأخير، يجب أن يدين العالم جرائم إسرائيل المتنوعة فى المنطقة، لأنها فاقت جرائم ارتكبت فى الحرب العالمية الثانية، ووقف ضدها العالم كله.