أشرف بدر.. وتراث هيكل!

الأربعاء 22 من ربيع الأول 1446 هــ
العدد 50332
عندما رحل كاتبنا الكبير محمد حسنين هيكل، رحمه الله، كَتبتُ عنه (هيكل.. والمستقبل)، ورغم أننا أمام تاريخ عريض للصحافة خصوصا، ومصر عموما، كتبه الأستاذ هيكل، فقد رأيت لحظة الرحيل أنه قد كتب كذلك «المستقبل» لمهنتنا (الصحافة)، والفكر، والكلمة عموما إذا أردنا أن نجددها، ونحافظ عليها، ونجذب لها القارئ من جديد، ونكتب لها حياة جديدة، ومختلفة، والتى تعيش تطورات تكنولوجية، واتصالية متلاحقة غيرت كل شىء فى حياتنا. لقد مر أمس الأول عيد ميلاد «الأستاذ» الأول بعد المائة (محمد حسنين هيكل – 23 سبتمبر 1923 – 17 فبراير 2016)، ولذلك يظل يوم ميلاده من الأيام التى تستحق الاحتفاء بها، وتسجيلها للأجيال القادمة، خاصة فى الأهرام التى ارتبط تاريخها الحديث كله برئيسها المجدد، أو المؤسس الثانى، بعد آل تقلا، ولذلك خطفنى أشرف بدر، الكاتب الصحفى، ومدير عام التنظيم وتكنولوجيا المعلومات (الميكروفيلم) بالأهرام، عندما قدم بهذه المناسبة «الملفات الوثائقية.. 101 عام على ميلاد هيكل» فى جزءين: الأول من سنة 1957 إلى 1974، والثانى من 1975 – 2016، وهو عمل متميز جدير بالإشادة، والاحترام، لأنه يحمل رسالة عن قدرة الأهرام، وتميزها، ولأن كلمة رئيس التحرير (هيكل) كانت خلال تلك الفترة من تاريخها هى القاطرة التى وضعت هذه الصحيفة، والمؤسسة فى مكانتها التاريخية بمصر، وفى قلب المنطقة، والعالم.

كما أعادتنى ملفات أشرف بدر الوثائقية بالأهرام إلى تاريخ عريض لهذا القسم الذى كان جزءا من أحلام الأستاذ هيكل الذى أنشأه، وكان يرى فيه تجربة لحفظ الوثائق التاريخية، والتراث على صور يتم تسجيلها على أشرطة حساسة (ميكروفيلم)، وهو ما التقطه بعقله المبتكر فى إحدى جولاته الأوروبية، لذلك جعل مهمة المركز تتمثل فى تنظيم، وتوثيق المعلومات، والمسح الضوئى للمستندات الميكروفيليمية، وأرشفة المستندات، وإنشاء أنظمة متكاملة للأرشفة بالاعتماد على أحدث التكنولوجيا، وطبق بدر ذلك فأصبح اسم المركز مهمًا لدى مؤسسات الدولة المختلفة حتى المحاكم، والشهر العقارى، والوزارات، والهيئات تتنافس على تنفيذ هذه الخدمة التى تحمى ما تملكه لتقدمه للأجيال القادمة محفوظا للتاريخ، ولذلك فإن كل ماسبق يؤكد ما قلته من قبل من أن هيكل رحل، لكنه ترك لنا عملا جيدا، ومتقنا يصبح تاريخا، ويجدد الحاضر، ويفتح صفحات للمستقبل..