البحر الأحمر 2019

اتخذت الدول العربية والإفريقية المشاطئة للبحر الأحمر قرارا إستراتيجيا مهما مع نهايات 2018، لتدخل العام المقبل 2019، بوجود كيان تأسيسى يحمى هذا البحر العربي.
بهذا القرار أعلنت فى مصر والسعودية واليمن والسودان تأسيس هذا الكيان الحيوي، للعالم، خصوصا لجيراننا فى المنطقة: تركيا وإيران وإسرائيل، فهذا البحر له أصحاب يرعون شئونه، ويجعلونه منطقة جذب، وشبكة للتعاون، والتحالف الإستراتيجى لمنع الاعتداء عليه، أو استباحته بما يضر بدول المنطقة العربية.
كان هذا الكيان حلما لدول عربية سعت لقيامه منذ سنوات طويلة، لكنه لم يتحقق، ودائما ما نأتى نحن العرب متأخرين، ولكن هذا أفضل من ألا يأتوا ويتركوا هذه المساحة الحيوية مستباحة لشركائنا الإقليميين الذين لا يتأخرون، أو لا يترددون على الإطلاق فى استغلال أى فراغات إستراتيجية أو سياسية، لكى تملأ بما لا يحقق مصالحنا السياسية والاقتصادية والجيواستراتيجية.
هذا الكيان سيكون دعما للأمن والاستقرار فى المنطقة، وسيكون حماية لخليج عدن العربى، وهو من الممرات المائية الحيوية للتجارة العالمية، حيث سيحمى هذا الكيان المنطقة من مافيا الموانئ، وقراصنة التجارة، ويحمى البيئة وحقوق أصحاب البحر الاقتصادية ضد الذين استغلوا سقوط أو ضعف أكثر من دولة فى المنطقة العربية، فكونوا عصابات تحكم البحار، تحركها قوى إقليمية، وترعاها أساطيل دول تسعى للتقليل من الشأن العربي.
ولنا فى سيطرة الحوثيين على اليمن ومضيقه لصالح إيران عبرة ودروس، يجب ألا تنسى، وبقى لنا أن نضم إريتريا ونحمى جيبوتى ولا نتركهما فريسة للدول الإقليمية غير العربية التى تبحث عن التدخل فى الشئون الداخلية لكل بلادنا، ولنا فى الوجود الإيرانى فى لبنان والعراق وسوريا عبرة ودروس ومعان أيضا.
إن بناء نظام عربى إقليمى يحمى كل دول المنطقة من التدخلات الخارجية سيكون الكيان الجديد على البحر الأحمر أحد أدواته، واستخداماته الجوهرية..
هذا الكيان الجديد يجب أن نحيى عليه الدول التى أعلنت تأسيسه، وأن نطالب باستمراريته وتفاعله، لأنه سيكون أداة إستراتيجية مهمة لربط العالم العربى بالقارة العتيدة إفريقيا، كما سيكون أداة كبيرة لحماية القرن الإفريقى الذى تلاعبت به قوى التطرف والإرهاب والفوضى لسنوات طويلة، أثرت على دوله كلها، وخلقت مشاكل ضخمة فى إثيوبيا، وإريتريا والصومال وجيبوتي، كما أن البحر الأحمر لم يكشف بعد عن ثرواته، وهو لا يقل عن البحر المتوسط أهمية، وجميع التوقعات تشير إلى أنه منطقة إنتاج للبترول والغاز، ويجب أن تذهب هذه الثروات إلى أهلها.. أهل البحر الأحمر.
ولعل السعودية ومصر تقومان حاليا بالتعاون فى مدينة أو ساحل نيوم المهم للاستثمار العالمى، مصر الآن لديها أكثر من مدينة سياحية مهمة على البحر الأحمر، أهمها شرم الشيخ والغردقة اللتان تحتلان مرتبة الصدارة فى السياحة المصرية.
نحن ننتظر من هذا التجمع أن تكون له قوة بحرية وجوية تراقب الأوضاع، وتمنع المتطرفين، وتحمى الجزر الرائعة التى يتمتع بها، وأن نفتحها للاستثمار الإقليمى والعالمي، خصوصا السواحل المهمة للسياحة والتعاون بين دول البحر الأحمر.
قرار قيام هذا الكيان خطوة إستراتيجية مهمة لبناء نظام عربى إقليمى يحمى كل منطقة الشرق الأوسط وشعوبها ودولها ويمنع العدوان والتدخل فى شئونها.. تحية لمن فكر فيه ولمن خطط، وكل الأمنيات أن يصبح هذا الكيان قوة اقتصادية وعسكرية وسياسية مهابة فى المنطقة وفى العالم.