مقالات الأهرام العربى

الحرب المعلنة فى الشرق الأوسط

أصبح ظاهرا للجميع أن الحرب لم تتوقف في الشرق الأوسط.. وعلي عكس كل التصورات التي أوضحت أنه لأول مرة يأتي العام الجديد ٨٩٩١ وليس هناك حرب معلنة بين دولتين في العالم، إن نهاية العام الماضي وبداية العام الجديد تلاحقت فيهما أعمال الحرب الإرهابية المعلنة في منطقتنا.. فقد أعلنت الجماعة الإرهابية ـ التي أفرزتها الحرب الأفغانية ـ حربا فظيعة وإجرامية، استهدفت شعوب الشرق الأوسط.. وسعت إلي تأخير هذه المنطقة عن اللحاق بالتطورات العالمية.. أو حتي الخروج من نفق الاستنزاف الحاد لمواردها وإمكاناتها بإشعالها حربا لا هوادة فيها لضرب اقتصاديات دول الشرق الأوسط وتبديد إمكانات شعوبها ووقف عمليات التحديث والتطوير الاقتصادي لبلدانها.

ولسنا نغالي إذا قلنا إن الجماعة الإرهابية في الجزائر بمواصلتها حربها الضروس، وعملياتها الأخيرة وسط الفلاحين الجزائريين في بداية شهر رمضان..قد كشفت عن الوجه القبيح والدموي والفج علي كل المستويات.. لأنها اختارت شهرا كريما.. وشعيرة دينية لا يستقيم ديننا إلا بها.. لكي تواصل مجازرها التي راح ضحيتها ما يقرب من ٠٠٥ فلاح ومواطن جزائري بسيط في مجزرة دموية.. لم يشهد تاريخنا العربي الإسلامي لها مثيلا لقد كرست هذه الجماعة ـ التي افرزتها حرب أفغانستان القذرة ـ أسلوبها في التعامل.. لضرب الشعوب وإلحاق أفدح الضرر بالدول متصورة أنها قادرة علي العودة بالمنطقة وبالشعوب الإسلامية إلي العصور الوسطي، وتغييب العقل والضمير حتي تفرض سيطرة قوي غاشمة وجاهلة علي مستقبل العرب والمسلمين.

وعلي ذات المنوال حاولت فلول المجموعة الهاربة من أفغانستان ضرب الاقتصاد المصري، بحادث الأقصر في منتصف شهر نوفمبر من العام الماضي ملحقة أضرارا جسيمة بصناعة السياحة المصرية.. التي كانت علي أبواب ازدهار ونمو سياحي، جاء في أعقاب عمل مستمر لتطوير البنية الأساسية وإضافة الاستثمارات السياحية المتميزة علي شواطيء البحرين الأبيض والمتوسط.. أو وسط متاحف الدنيا بالأقصر وأسوان.. وعلي أجمل البقاع في شمال وجنوب سيناء.. وكان لهذا الحادث الإجرامي تأثيره الذي لا ينكر علي حركة السياحة في مصر.. وتضرر أعقابها الاقتصاد القومي فيهما ملايين العاملين في هذا الحقل الاقتصادي المهم.

وكان لزاما لمواجهة هذه الحرب الحقيقية.. أن يجمع العرب علي التعاون لمواجهة هذه الظاهرة التي تحولت إلي حرب قذرة.. وإذا كانت لن تستطيع تغيير مستقبل المنطقة.. ولكنها قد تستطيع تأخير تطلعات شعوب الشرق الأوسط للخروج من النفق المظلم للحروب المستمرة والتأخر الاقتصادي والانهيار في مستوي معيشة شعوبها الذي جاء كنتيجة طبيعية لهذا الاستنزاف الحاد لقواها في حروب مستمرة طوال هذا القرن لم تتوقف مع إسرائيل، أو حروب عربية ـ عربية أو عن جيرانها.. واليوم يشن عليها حرب من نوع مختلف بواسطة فريق يلبس المسوح الإسلامية.. ويخدم مصالح خارجية.. وتحركه قوي كثيرة لا تريد لمنطقة الشرق الأوسط الاستقرار..

ولعل الأزمات الأخيرة ـ كانت وراء اتفاق وزراء الداخلية العرب في تونس أخيرا بعد ٤ سنوات علي اتفاقية التعاون بين الدول العربية لمواجهة حرب الإرهاب التي تشن علي شعوبنا ومنطقتنا.. وسيكون لهذا التعاون وللاتفاقية الأخيرة تأثيرها علي مجمل هذا الصراع الدامي.. لأن اتفاق العرب سيضع حدا لمحاولات الجماعات الإرهابية البحث عن قواعد لها داخل المنطقة العربية.. وسيؤدي هذا التكاتف العربي إلي الحد من محاولات القوي الخارجية أو الدول الأوروبية جعل بلدانها محطات أو نقاط ارتكاز لهذه المجموعات الإجرامية للتدريب أو للتشهير ثم الانقضاض في عمليات ضد شعوب الشرق الأوسط بحجج كثيرة واهية.. لا تصلح للصمود أمام خسة ونذالة وإجرام هذه الجماعات ضد حقوق الإنسان العربي الذي يكافح مع نهاية هذا القرن للخروج من ظلم كثير وقع عليه.. أبعده كثيرا عن اللحاق بالعصر، وحرمه من مستوي معيشة يستحقه ومن مناخ أفضل وحياة أكثر استقرارا.. وجعله يعيش علي أرض خصبة للصراعات الداخلية ومسرماً للصراعات الخارجية.

بل إن مواردهم الأولية وموقعهم الجغرافي المتميز.. ومكانتهم التاريخية.. وقدراتهم المختزنة كانت عليهم ولم تكن لهم..

وعندما حانت فرصة للخروج من أزماتهم وصراعاتهم ظهرت هذه المجموعة اللعينة كأنها الذرات الأخيرة للتخلف.. قبل أن ينفض العرب والمسلمون عن كاهلهم.. هذا الركام من الصراع والاستغلال والتخلف الذي أثقل ظهورهم.. ودمر مستقبلهم.. وحد من فرص انطلاقهم للعالم الجديد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى