رسالتان: الإسكندرية من المحجوب… قنـــا مـــن عــادل لبيــب

تمر المحليات في مصر بأزمة صعبة, فأكثرنا فقد الثقة فيها والآخر فقد الأمل في القدرة علي تطويرها فضلا عن انعدام النمو, بالإضافة إلي تفشي الفساد, وظواهر الإهمال البادية في كل شوارع مدننا وقرانا, فهل يعني ذلك فقدان الأمل تماما.. لا, طبعا. فأمامنا نماذج حية ناجحة يمثلها نموذجان أو رسالتان, لمستهما بنفسي, وعبر رسائل من الناس تنقل عبر الخاصة والعامة في كل التجمعات.:
الأولي, من الإسكندرية, فكل من زارها حتي في العيد أخيرا لم يشاهد ما اعتدناه حتي في المدن النظيفة في الأجازات من تكدس أكياس القمامة, والقاذورات, فأيقن أن عمليات النظافة وتطوير الأحياء والشوارع مستمرة, ولم تنته بنهاية احتفالات المكتبة الشهيرة, وأن كورنيشها الجميل المتسع ذا المعني والبريق هو خطوة أو إشارة إلي أن محافظها عبدالسلام المحجوب رجل متطور لا يتوقف عن التطوير والعناية بها, فينتقل من تجميل وتطوير الشوارع الرئيسية إلي الحواري والأحياء العشوائية, والعمل ينتقل حاليا في كل أرجاء المدينة الساحلية الأورومتوسطية( الشرقية), ليصبح مؤسسيا يشارك فيه المواطنون السكندريون, الذين ينهمكون الآن في تجميل محافظتهم وإذا وجدوا ورقة أو كلينكس أو سيجارة ترمي في الشارع, يقولون إنها لقاهري من الزائرين, فالسكندري يتغير, وأصبح رجل نظام ونظافة وجمال ولكن محيطه المصري مازال دون المستوي, أو لم يجد الفرصة بعد.
وهناك نموذج آخر ـ أو رسالة ثانية ـ لا تقل روعة وجمالا إن لم يكن تزيد في معناها الفريد, فهي تجيء من عمق الصعيد الجواني من قنا الجميلة, التي أصبحت مداخلها ومخارجها ورودا لا تراها فقط, ولكن تشمها أيضا, شوارع متسعة نظيفة, بلا مطبات صناعية أو عشوائية ولا سرعة ولا كلاكسات, اختفي التلوث بكل أشكاله, في قنا ليس هناك عربة يجرها حمار, كما في القاهرة, في قنا ليس هناك شوارع تحولت إلي بوتيكات, أو أحياء قذرة, ولا باعة جائلون بالميكروفونات يزعجون الناس والبيوت, حتي في الأحياء الشعبية, حول الشيخ عبدالرحيم القنائي هناك حديقة متسعة, وناس لا يتعاملون في الشوارع بالميكروفونات والكاسيت ولا يلتف حولك الشحاذون كما في الحسين والسيدة زينب والسيدة نفيسة.
في قنا في قلب الصعيد, الجوامع منظمة لا تتنافس بالميكروفونات والأصوات القبيحة في الصباح والمساء, ولا تري سيارة مسرعة, كما لا تري رجل المرور, فالناس يحرسون تجربة المحافظ المخلص الكفء( عادل لبيب) الذي أصبح ظاهرة في الإدارة والحكم الهاديء المنتج, أعماله ونجاحاته ليست ظاهرة في الشارع والأحياء فقط, لكن في قلوب وعقول الناس, وذلك شيء فريد ومعجز, ندعو الله أن يحفظه ولنسكت حتي لا نؤلب عليه قلوب وعقول الحاقدين.
محافظ قنا لا يبني مدينة صعيدية مصرية صميمة, تتنافس مع المدن الأوروبية فقط, ولكن يتجه الآن نحو القري, إذ سيبني في الصعيد قرية أو قري نموذجية, لاشك أننا سندعو السائحين إليها قريبا لنقول بإعجاب وفخر لنا جميعا إن الريف المصري في طريقه إلي منافسة الريف الأوروبي.
أصبروا علي لبيب أو انسوه, فالرجل متواضع ومخلص حتي يبني لنا النموذج في الصعيد, وتكاتفوا مع المحجوب ليطور ويدفع العاصمة الثانية إلي الأمام, فنحن في حاجة إلي بقعة ضوء أو مثال حي لنثق في أن الإنسان المصري مازال قادرا, ويستطيع تحويل مدن وقري مصر كلها إلي مثال حي للنظام والنظافة والانضباط والجمال واحترام القانون, ولكنه يحتاج إلي القدوة والمثل.
وأرجو من كل قلبي أن يتقبل المحافظان عبدالسلام المحجوب وعادل لبيب, اعجابي, وأسفي لأنني تحدثت عنهما, فقد كنت أريد أن أقول لنفسي إن هناك أملا في تغيير ونمو مدننا وقرانا.
وكنت أبحث عن إيجابية الشعب بكل طوائفه وفاعليته وقدرة مؤسسات المجتمع حتي يطمئن قلبي علي الغد.