مقالات الأهرام العربى

دفاعاً عن أسامة وليس أسامة بن لادن

برغم صعوبة التفكير بعيداً عن الحرب الراهنة المشتعلة بين ظهرانينا، والنيران التى تطال الجميع، والاضطهاد والشبهات التى تلاحق العرب والمسلمين فى كل العواصم، وجدت نفسى أدافع عن أسامة وليس أسامة بن لادن، لكن أى أسامة، لأن ˜اسمى أسامةŒ، وقد سمانى والدى أسامة قبل أن يولد أسامة بن لادن بسنوات، ورغم رفضى لـ ˜بن لادنŒ، فإننى لا أستطيع أن أنكر اسمى، لأن الأمريكيين والأوروبيين أعلنوا الحرب عليه، وقد وجدت فى أسبوع واحد شخصا هولنديا مسلما اسمه ˜أسامةŒ انسحب من الترشيح فى ˜انتخابات ماŒ، ليس لأى سبب، إلا أن اسمه شبيه بالمتهم الأول، الذى فجر الحرب الأولى فى الألفية الجديدة، والذى أصبح أشهر اسم يُلاحق عالميا، وتُحشد من أجله الطائرات والبوارج، وتُشكل الجيوش، بل إن هناك ائتلافا الآن يحارب ضد أسامة بن لادن، وتنظيم القاعدة، وحركة طالبان، وزعيمها غير المعروف الملا محمد عمر، وقد كنت أتصور أن الغربيين يتمتعون بعقلية متميزة وفذة، قادرة على فرز من هم مع الإرهاب، ومن هم ضد الإرهاب. لكن وبالرغم من التصريحات من الزعماء والقادة بأن الحرب الراهنة تُشن ضد تنظيم إرهابى، فإن الملاحقات والمتابعات والقوانين التى تسن على عجل فى أمريكا وبريطانيا والدول الأوروبية، كلها قوانين عنصرية تحمل علامات التمييز والتفريق بملاحقة العرب والمسلمين فى أنحاء العالم، والتضييق عليهم وأخذهم بالشبهات، وجرهم إلى المحاكمات، بل إن الأخبار التى تتسرب إلينا تقول إن كل التليفونات أصبحت جميعا مراقبة، لمعرفة تفاصيل، بل خلجات تفكيرهم، لأن المسلمين والعرب كما يقولون ˜إرهابيون محتملونŒ.

وعقلى لا يستطيع أن يستوعب ذلك، حتى وجدت زميلا آخر فى الاسم ˜أسامة البيلىŒ يشرح لى أن له برنامجا تدريبيا فى ألمانيا، وقد نصحه أصدقاؤه بعدم السفر، لظروف الأحداث أو الحرب الراهنة، وإمكانات الخطأ فى تأويل اسمه، ولأن الفرق بين البيلى أو ˜بن بيلىŒ، قريبة من بن لادن، فقد يتعرض للمتابعة والملاحقة، إلى أن يثبت أنه ليس بن لادن، وليس هذا الكلام نكتة أو فكاهة ولم أتعود أن أكتب بسخرية، لكنه كلام جاد وحقيقى.

وسرح خيالى فى صديقى أسامة صادق الذى يعيش فى  أمريكا منذ 25 عاما، وله بنتان أمريكيتان شقراوان، تتمتعان بجمال أخاذ، وهو شخص معتدل، ويحترم القيم الإسلامية، وكذلك الغرب وحضارته، وأستاذ فاهم يدرس للأمريكيين ويترجم لغتهم، ولا أعرف كيف يعامله الأمريكيون الآن، وهل أصابته لعنة من لعنات الاسم الشهير أم لا؟ أتمنى أن يكون قادرا على التكيف وحماية اسم أسامة من الاضطهاد واللعنة التى تلاحقه، وأن يقدم نموذجا جادا، وأعرف أنه نموذج محترم لاسم أسامة كما أريده وأعرفه، وهناك أسامة الباز، وهو سياسى مصرى بارز لعب دورا كبيرا فى تعميق وتقوية العلاقات المصرية الأمريكية، أى أن هناك الكثير من أسماء أسامة التى يجب أن تشفع لهذا الاسم من لعنة الاسم التى تلاحقه منذ أعلنت الحرب على أسامة بن لادن.

مرة أخرى ليسمح لى قارئى أن أتكلم عن الاسم وعملية الإرهاب القذرة التى حدثت فى نيويورك وواشنطن فى 11 سبتمبر، وأتمنى أن يخرج الأمريكيون من أزمتهم، وأن يعرفوا أن الإرهاب ليس من نصيب جنس أو دين، وأن تتوقف الملاحقات العشوائية، وأن يقدموا نموذجا فى احترام القوانين وحقوق الإنسان، ولا يضربوا بكل القيم ­ التى كافحوا من أجل ترسيخها قرونا ­ عرض الحائط، لأنهم تعرضوا لحادث إرهابى حتى وإن كان حادثا كبيرا ومروعا كحادث 11 سبتمبر الماضى.

الشيطان يعظ

هل تذكرون سلمان رشدى صاحب الآيات الشيطانية؟ خرج علينا هذه الأيام بمقولة جديدة، محورها أن مشكلات الإسلام تأتى من داخله، وينتقد كل قادة العالم الذين يكررون عبارة أن هذا ليس هو الإسلام، مشيرا إلى أن القادة يقولون ذلك أملا فى الحفاظ على الائتلاف ضد الإرهاب، وحماية المسلمين الذين يعيشون فى الغرب من أن يتعرضوا لأية هجمات انتقامية.

وسلمان يحرض الغربيين على القصاص من كل المسلمين.

والسيد الكاتب سلمان رشدى ­ الذى مازال يدعى أنه مسلم ­ يختزل الصراع الراهن ­ بدلا من وصفه بأنه حرب ضد الإرهاب ­ فى أن المشكلة تكمن فى الإسلام نفسه.. ولا يستطيع أن يفهم المظاهرات التى اندلعت فى العالم وتؤيد أسامة بن لادن، وتنظيم القاعدة، مشيرا إلى احتشاد عشرة آلاف مسلم بالسيوف والرماح على الحدود الباكستانية لتلبية نداء الملا بالجهاد، ويرى أن هؤلاء جميعا إرهابيون.

ويدلل كذلك على مقولته إن الأزمة فى الإسلام يكشف عنها الروتين الإسلامى المعادى للسامية، ويقصد أن المسلمين يقذفون اليهود بل يتهمونهم طبعا ظلما وعدوانا وبدون مبرر أو ترتيب بالمسئولية عن الضربات على مركز التجارة والبنتاجون..

ويستمر هذا الكاتب ˜المخرفŒ قائلا إن المشكلة ­ حتى نكون صرحاء ­ فى الإسلام، الذى يقف فى منتصف الطريق مشوشا ليس خوفا من الله، لكن بسبب مجموعة من العادات والآراء والأحكام المسبقة التى يدخل منها ممارسات العزل وشبه العزل لنسائهم وعظات الملا، والنفور من المجتمع الحديث بشكل عام……

ويستمر فى اختيار الشتائم فيصف أن هناك كاتبا بريطانيا مسلما يصف الإسلام بأنه أصبح عدو نفسه.

سلمان رشدى كاتب فقد الاعتبار ولا يصلح للتقييم والتحليل وشخصية مريضة وغير منصفة، فهو بدلا من التحلى بالموضوعية، يطالب الغربيين بالقصاص من المسلمين فى كل مكان فى العالم.

ويغلق كل الأبواب، ويتجرد من العدالة والإنصاف، وبدلا من التقريب بين الشعوب، يقوم بعملية تنفير واسعة وكأنه وجد فرصة لكى يرضى خياله السقيم. فصب جآم غضبه ليس على المسلمين فقط، بل هو يتهم عقيدتهم أى عقلية تتحكم فى هذا الشخص الذى لا نقول إنه باع نفسه للشيطان، لكنه الشيطان نفسه فى صورة إنسانية؟

كلمة أخيرة

رفضنا ومقاومتنا للإرهاب، واضحة ومكررة، ففى هذا المكان وقبل أحداث 11 سبتمبر 2001 هاجمت طالبان ووصفتهم بأسوأ الألفاظ، عقب جريمتهم بإحراق تمثال بوذا، و شرحت وأسهبت فى الممنوعات والجرائم التى ترتكب ضد الأطفال والنساء الأفغان الأبرياء من ظلم وبطش الملا عمر وحركته الفاسدة، أما أسامة بن لادن، فهذا الإرهابى القاتل وتنظيم القاعدة كانوا أول من أعلن الحرب على بلادنا، وقتلوا الأبرياء، ونددنا بأحداث سبتمبر فى أمريكا وقتل الأبرياء فى مركز التجارة فى نيويورك، لكن هذا لايعنى أن نتوافق مع الإرهاب الآخر، سواء أكان قتل الأبرياء فى أفغانستان أم الإرهاب الفكرى الجديد الذى يمارس فى أوروبا وأمريكا ضد العرب والمسلمين، نرى أنها ˜مكارثيةŒ جديدة تزحف من أمريكا تجاه العرب، وعلى العقلاء أن يوقفوا هذا النوع من الإرهاب، لأنه يفتح باب جهنم على العالم جميعا.

ولا نفهم لماذا تتوسع الصين وسنغافورة الآن فى معاداتها للمسلمين والعرب، مستغلتين الأحداث الراهنة؟

وأدعو العرب جميعا إلى مقاطعة السلع الصينية وركوب طائراتها أو السفر إليها ومعاقبتها على تحركها ضد العرب والمسلمين، مستغلة الأحداث الراهنة أبشع استغلال ممكن، وأن نعامل كل من يسىء إلى العرب والمسلمين مستغلا الأحداث الراهنة، معاملة بالمثل، وأن تظهر النخوة العربية فى هذه المرحلة الحرجة والحساسة من تاريخنا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى