مقالات الأهرام اليومى

أحاديث الحرب والسلام

تختلط الأحاديث في منطقتنا فيما بين حروب مشتعلة وحروب منتظرة‏,‏ فعلي أرض الواقع نري تداعياتها وتأثيراتها تحاصرنا في كل مكان‏,‏ وهي تتمثل في سقوط الضحايا يوميا وبأعداد كبيرة في العراق والأراضي الفلسطينية المحتلة وأفغانستان‏,‏ وكذلك السودان التي يدور فيها القتال بين مختلف الجهات‏.‏ ومن نتائج هذه الحروب التهجير والتشريد للسكان‏.‏ فنجد العراقيين ينتشرون بالملايين في كل العواصم المحيطة والصوماليين والسودانيين أيضا‏,‏ علاوة علي الفلسطينيين‏.‏

ووسط هذا المناخ المملوء بالغيوم والمقبض للعرب‏,‏ بل لأبناء منطقة الشرق الأوسط جميعا‏,‏ تنذرنا الأخبار والتحليلات السياسية بحرب إقليمية كبري يجري الاستعداد لها الآن في المنطقة‏..‏ فلا تخلو وسائل الإعلام من الحديث حول معالجة الأزمة الإيرانية عسكريا‏,‏ وتقول بعض هذه التحليلات إن حاملات الطائرات تجوب بحارنا‏,‏ وإن هناك سيناريوهات عمليات جوية‏,‏ بل وضربات متوقعة بأسلحة تكتيكية لها صفة الدمار الشامل‏.‏

وإزاء هذه التوقعات‏,‏ علينا أن نضع في الحسبان أن الإدارة في إسرائيل‏,‏ التي تمر الآن بأزمة داخلية‏,‏ يصعب عليها أن تكرر طريقة الحرب نفسها مرة أخري‏,‏ للهروب من أزمتها الداخلية‏..‏ وإذا تحدثنا عن أسباب التهديدات التي توجه إلي سوريا‏,‏ فسنجد أنه يصعب توقع اندلاع حرب علي لبنان وحدها‏,‏ بما يعني أن الحرب إذا اندلعت ستكون حربا إقليمية‏.‏

وإذا كان الجميع لا يخفون الاستعدادات العسكرية‏,‏ فلقد بات واضحا أن الكل يتخوف من الكل‏.‏ وأنه ليست هناك مجالات مفتوحة للتحرك الجاد لإنقاذ المنطقة من أن تظل ساكنة علي لهيب ساخن‏,‏ وفي هذا الصدد يصعب تصور أن الضربات القادمة ستكون محدودة‏,‏ أو أنها سوف تنحصر في إطار ضيق‏.‏ فإذا اشتعلت الحرب علي جبهة‏,‏ فإنه سيكون ميسورا ضرب كل الجبهات الأخري‏,‏ بمعني أنه إذا ضربت إيران مثلا فسوف تمتد الحرب قطعا إلي سوريا ولبنان‏.‏

وإذا شنت إسرائيل حربا ضد حزب الله‏,‏ فإن ذلك سيكون مؤشرا علي حتمية الحرب ضد إيران‏.‏ وقد تكون عمليات الغزل والشحن السياسي مقدمة للحروب‏.‏

إن معظم النار من مستصغر الشرر‏..‏ والمنطقة مشحونة الآن بطاقة حروب‏,‏ بل إن رحي هذه الحروب جاهزة للدوران فعلا‏,‏ ولاشك في أن اشتعال جبهة يعني انتقال النار والحرب إلي الجهة الثانية بجهد أقل لا ينتظر خطأ الحسابات وسوء التقدير‏.‏

ولأن كل طرف يري في الطرف الآخر عدوا يستعد لمهاجمته‏,‏ ولأن الأوضاع في منطقتنا بائسة لدرجة تدعونا إلي الحذر والأخذ بالأحوط‏,‏ فلابد أن يكون التحرك شاملا مع مراعاة ألا نقع فريسة للتحليلات التي تري الضعف الأمريكي ناتجا عن المستنقع العراقي‏,‏ وأن الفشل الإسرائيلي نتيجة للضعف الحكومي وتداعيات حرب لبنان‏,‏ وما كشف عنه تقرير فينوجراد الأخير‏,‏ يعد فرصة لالتقاط الأنفاس لعدم قدرتها علي شن حروب جديدة في هذه الظروف‏.‏

وبالرغم من قتامة الصورة وصعوبتها فإن التحرك نحو السلام ممكن‏,‏ بل أصبحت فرصته أكبر‏,‏ وعلينا أن نتكاتف لدفع الأمور إلي الأمام في محاولة للحل والإنقاذ‏..‏ نعم من الممكن تحقيق السلام خاصة أن العقلاء يتزايدون‏.‏
osaraya@ahram.org.eg

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. الأستـاذ/ أسـامــة سـرايـــا
    بعـد الـتـحـيــة

    نرجو من سيادتكـم – إذا كان ذلك مـمـكنـا- أن تـدلنـا عـلـى كيفيـة الحـصـول عـلـى نـص اللقاء الذى أجـريتـه عـنـدمـا كـنـت رئيســا لـلتـحـريـر – الأهـرام مـع فـخـامـة الـرئيــس أسيـاس أفـورقــى

    سـفـارة دولـة أرتــــريـــا
    بالقاهـــرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى