المحبطون لا يفرحون

كان الأحد الماضي, بكل المعايير, عيدا للرياضة المصرية, بالملايين الذين تابعوا وساندوا وشجعوا وغمرهم الفرح بالإنجاز الذي تحقق للرياضة المصرية ووضعها في مكانة لم تبلغها أمة إفريقية من قبل.
وهذا الإنجاز الرياضي المصري لم يتحقق فقط ليلة الأحد الماضي, وإنما بلغ في تلك الليلة مداه وذروته بتتويج الفريق الوطني بطلا للقارة السمراء في أكثر اللعبات الرياضية شعبية في العالم, فالحقيقة أن الملايين قد خرجوا للاحتفال بسنوات من الإنجاز, وليس فقط بمباراة جاءتنا بالكأس للمرة الثالثة علي التوالي.. وتجاوزت احتفالات المصريين في شوارع القاهرة وعواصم المحافظات احتفال كل مناسبة رياضية حققنا فيها إنجازا, فلقد سبق أن حققنا البطولة الإفريقية مرات من قبل, ولكن احتفالات اليوم جاءت مختلفة تماما.. مختلفة بحجم الإنجاز الذي تحقق وبحجم الجهد الذي بذل.. خرجت الجماهير المصرية والعربية لا لتحتفل بنتيجة مباراة, ولكن للاحتفال بالإنجاز الذي بدأ مسيرته منذ سنوات برؤية وخطة وعزيمة وهدف واضح وإعداد شامل, ليضع هذا الجيل من اللاعبين والفنيين والإداريين والجماهير التي ساندت وشجعت ودعمت منتخب مصر في لوحة الشرف الرياضية العالمية.
خرج الملايين إلي الشوارع في كل مكان من مصر وفي مدن أخري كثيرة في المنطقة والعالم للتعبير عن شعور غامر بالفرحة. ولم تخرجهم مشاعر الإحباط والكبت كما يروج البعض, فالمحبطون لايفرحون.
والذي أخرج الملايين هو النجاح الباهر في اختبار القدرة علي الإنجاز لسنوات طويلة. فقد جرفت الفرحة جميع الأعمار والطبقات, ومزجت بينهم جميعا في شعور مصري رائع.. خرج المصريون في كل مكان علي أرض مصر وخارجها, وكذلك خرج محبوها من العرب أينما كانوا في أمسية مصرية رائعة, فمنذ أن بدأت فعاليات مسابقة كأس الأمم الإفريقية والفريق المصري يحقق إنجازا تلو الإنجاز, ولم يتعادل ولم يهزم. ووضع منذ البداية اسم مصر في قائمة الدول المرشحة للفوز بالكأس في ثالث أهم بطولات كرة القدم الإقليمية في العالم.
وفي هذا الزمن الذي تحولت فيه الرياضة من هواية إلي صناعة, يصبح الإنجاز الذي تحقق عملا وطنيا يدين بوجوده لمصر قيادة وحكومة وشعبا, ولذلك كانت فرحة المصريين فرحة كاملة الوطنية, وحين خرج الرئيس حسني مبارك لاستقبال البعثة المصرية العائدة بالنصر والفخر من أنجولا, كان في الحقيقة يستقبل الرجال الذين دفعت بهم مصر في اختبار للإرادة والتحدي والمثابرة والوطنية والإخلاص.. الرجال الذين برهنوا للعالم علي رقي هذا الشعب وسماحته وقوة إرادته وقدرته علي التواصل الحضاري مع شعوب العالم, وكانت الأوسمة التي منحها الرئيس لهم تقديرا وعرفانا بقدرة الإنسان المصري علي مواجهة التحديات والصعوبات وتحمل مسئولية تمثيل مصر العراقة والحضارة والإرادة, وكان احتفاء الرئيس بالرجال العائدين بالكأس تعبيرا عن التقدير لكل من يجزل لمصر العطاء في أي مجال وتكريما ـ كما قال الرئيس في كلمته ـ لكل من يجتهد لإعلاء رايتها ومكانتها.
وفرحة الملايين بالنصر في كل مكان من الممكن أن تعبر عن نفسها في تكاتف مصري يمكن أن نواجه به كثيرا من قضايانا, فلقد تمكنا من تحقيق الإنجاز, حين مهدنا الطريق الصحيح, وأعددنا الكوادر القادرة, وحشدنا الإمكانات الملائمة, وتلاقت الإرادة منا علي بلوغ الهدف, لم نختلف ولم نتصارع ولم نتدخل بالتشويش علي الذين تولوا المهمة الكبيرة.. وإنما وضعنا حولهم سياجا يحميهم من المغرضين وأصحاب الهوي والمصلحة.. منحناهم الثقة وأحطناهم بكل مشاعر الحب والود, فتوالت إنجازاتهم ليجعلوا من مصر أغنية يرددها الملايين في كل أنحاء العالم.
إن ما تحقق في الرياضة درس تتعلمه الأجيال من المصريين, فلقد فعلوها في الرياضة, وهم قادرون علي فعلها في كل مجال من مجالات حياتهم.. وبهذه الروح يمكن تجاوز الكثير من الأزمات ومواجهة المتربصين بكل إنجاز يتحقق في السياسة والاقتصاد وفي غيرهما.
تحية تقدير للرئيس والأطباء والزملاء
أجد لزاما علي, وقد حلت بي نعمة من الله تجاوزت بها عارضا صحيا طارئا, أن أتقدم بكل الشكر والتقدير والعرفان لكل الذين كانوا عونا وسندا ودعما لي في مواجهة ما تأتي به العوارض الصحية من آلام, كان ذلك العارض الصحي منحة من الله عايشت فيها آلاما خففت منها مشاعر الحب التي أحاطني بها كثيرون من الأصدقاء والزملاء والقراء. وعلي رأس هؤلاء جميعا كان الرئيس حسني مبارك بكلماته التي ذهبت بكثير من الآلام عقب العملية الجراحية التي أجريت لي.
لقد جاءتني كلمات الرئيس علي الهاتف, ولم أكن قد أفقت تماما من تلك العملية الجراحية, فأعادني بره وحنانه وأبوته إلي وعي بلا ألم في لحظات.. الشكر كل الشكر للرئيس مبارك وأبوته التي ترعي كل أبناء الوطن, والشكر موصول لكل الأساتذة والزملاء والأصدقاء والقراء والأطباء وأعضاء فريق التمريض المصريين الذين أحاطوني بكل الحب والرعاية سائلا الله للجميع موفور الصحة والسعادة.