2023حكاية فكرةمقالات الأهرام اليومى

الخوف من الحروب..!

الأربعاء 6 من شوال 1444 هــ
العدد 49814
الحروب ليست أسهل القرارات، أو أصعبها، ومن يلجأون إليها ليسوا من العقلاء، ومن يأخذون قرارها يدفعون (دائما) ثمنا غاليا، فهؤلاء هم الأضعف، ولا عقل، أو قدرة لهم على إدارة الصراعات السياسية، والعسكرية، فمثلا الحرب الأوروبية الراهنة، أو حرب (روسيا وأوكرانيا)، كان يمكن تفاديها لمصلحة الطرفين، لأنهما يخسران الكثير، ويتحملان ما لا طاقة لشعوبهما به، ولكن روسيا كانت تخشى أن يتمدد الناتو فى حدودها، وأمنها الإقليمى، وبالفعل أصبح على حدودها، حيث انضمت فنلندا (المحايدة) إليه، وما أدراك ما فنلندا بالنسبة لروسيا، فهى لا تبعد عنها إلا أكثر من نصف المسافة بين القاهرة والإسكندرية.

لقد كانا أهم بلدين فى العالم اقتصاديا وسياسيا لا يميلان إلى أن يكون لهما جيوش كبيرة، واكتفيا ببسط الحماية الأمريكية عليهما (اليابان وألمانيا)، وارتضيا أن تكون جيوشهما أقل من روسيا، بل أقل من فرنسا، لكن الحروب اضطرتهما إلى ذلك، وهذا ما كانت تسعى إليه أمريكا، وترفضه روسيا، وما هى إلا سنوات قليلة وستكون جيوشهما، ومعداتهما العسكرية أضعاف الوضع الحالى للقوات الروسية، وهذا ما كانت تخشاه روسيا، لأنه يخل بالالتزامات العالمية.. وهكذا حتى لو سيطرت روسيا على كل أوكرانيا، فإن إعادة الإعمار، وعودة السكان هناك ستكلف روسيا ما لا تطيق، وأكثر مما كسبته، والعقلاء هم من يجلسون على موائد التفاوض، ويحلون المشكلات بحسابات دقيقة، وهذا ما سوف يلجأون إليه، ولكن بعد تكسير اقتصادهما، والشعور بفداحة الخسائر.

أعتقد أن آخر ما يجب أن تفكر فيه الدول العاقلة دائما لمواجهة مشكلات العصر هو الحروب، وأول ما تفكر فيه عند اندلاعها هو وقفها، والاتجاه إلى الحلول السياسية، والتفاوض، لأننا نعيش فى عالم كل شىء فيه تغير، ويجب أن نتكيف مع متغيراته، وإذا فشلنا فى التفكير العقلانى فالآن هناك الحاسبات الإلكترونية، والكمبيوتر، أو الروبوتات، فلنجعلها تعالج قصورنا فى التفكير إلى أن نتعلم أن الحروب ليست دائما حلا، وإنما المستنقع الذى إذا دخلنا فيه لا نخرج منه بسهولة، ففكروا تصحوا، وتستبصروا، فإن المستقبل أمامكم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى