رسائل العيد.. «2»

الأثنين 1 من شوال 1446 هــ
العدد 50519
الدعوة للفرح بالعيد ليست دعوة لقتل المشاعر كى لا نرى الآلام، وإنما هى دعوة لنرى الصورة كاملة، فافرح أيها المأسور ظلما، فقيود الأسر لن تدوم، وافرح أيها المُهَجّر إلى بلاد غريبة وانتظر أن تعود قريبا إلى الوطن، وافرحوا جميعا ورددوا بألسنتكم وجوارحكم: الله أكبر الله أكبر الله أكبر.. لا إله إلا الله.. الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
فى هذا العيد لن نستطيع أن نغفل عن حقيقة أن لنا فى غزة أهلا أثخنتهم جراح فوق الجراح، لكننا نوقن أنها أوجاع تهون على من أدرك حقيقة الدنيا، والحق أننا وجدنا الآلام تتصاغر عندهم أمام عظمة ما يرجونه ونرجوه لهم من أجر وثواب، وليس فى هذا القول خيال، بل إنه عين ما رأيناه ونراه منهم فى رضاهم عن الله، ويقينهم أنهم على خير، وأنهم فائزون، لذا نرجوك أيها العيد ألا تغادر غزة باكرا، وامسح دموع اليتامى، واحضن ما تبقى من شتاتِهم، ورافق الشيوخ المحملين بالحكايات فى جولة بين بقايا وطنهم، وهم سيحدثونك عن أمنياتهم فى الصلاة بالقدس، وسجدة بباحات الأقصى.. ستترجم عيونهم آلام الحرب، أرجوك اصغِ إليهم جيدا فقلوبهم طاهرة، وحكاياتهم صادقة، لكن لا تعجب إن قلنا ياعيد إنه حق على أهل غزة أن يستبشروا، ويحق لكل من آزرهم أن يستبشر معهم، وحتى أولئك الذين تشوقوا لفعل شىء ينصرون به إخوتهم، ولكن سُدت أمامهم السبل، وغلبتهم الحيرة فلم يجدوا ما يبذلونه إلا دعوة خالصة على ألسنتهم، وحُرقة صادقة فى قلوبهم، ومشاعر ولاء صافية تسرى فى نفوسهم.. أولئك لهم أن يستبشروا، وليوقنوا أن الله يعلم صدق نياتهم، وأن لهم عليها الأجر والثواب، فليوقنوا مع غيرهم أن نصر الله قادم، وسيتحقق.. نصر يبدأ من أبناء غزة الصامدين، ثم يمتد ويتسع ليكسر جبروت الغادرين، ليكون ذلك كله بشائر غدٍ مشرق قادم ترنو إليه الأبصار والبصائر، فتردد الألسنة بغِبطة وسعادة: الله أكبر الله أكبر الله أكبر.. لا إله إلا الله.. الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
فسلاما لكِ ياغزة، وكل الرحمة لشهدائك الأبرار، وكل عيد وأنت نابضة بالحياة رغم رائحة الموت المنتشرة فى زواياكِ.. كل عيد الله أكبر ترتفع فى مآذنك لا يحجب صداها صوت حرب أو رصاص.