القمة العربية ومواجهة فانتازيا التهجير

الأحد 24 من شعبان 1446 هــ
العدد 50483
كان مهما مبادرة مصر إلى دعوة الدول العربية لقمة طارئة فى القاهرة لمواجهة خطط ترامب ونيتانياهو بعد لقاء السعودية، حيث من المتوقع ألا تكتفى القمة بالرفض فى بيان ختامى، بل ستقدم خطة قومية لليوم التالى فى غزة، وإعادة الإعمار، والإصرار على دولة فلسطينية. لقد تغيرت الأوضاع فى البيت الأبيض منذ عودة الرئيس دونالد ترامب إليه وسط أكثرية «جمهورية» فى الكونجرس، وليس حوله سوى مجموعة ضيقة من الأثرياء فى سلطة أوليجارشية حذر منها الرئيس السابق جو بايدن فى خطابه الوداعى، حيث القرارات غير المألوفة فى الداخل، والمواقف غير المعقولة فى الخارج، والحلول الارتجالية من النوع الذى يجعل الأزمات أكبر وأخطر، لأن السياسات تنطلق من منطق الصفقات التجارية، كما أن مشكلة الخلاف على اليوم التالى بعد حرب غزة لها حل مبتكر لدى ترامب (استملاك أمريكا لغزة بعد تهجير أهلها كعقار معروض للتطوير)، حيث مساحة إسرائيل ضيقة فتتوسع عبر ضم الضفة الغربية، أو تقام دولة فلسطينية على أراضى السعودية الواسعة, كما دعا نيتانياهو، وليس مهما الدول، والشعوب، والحقوق الوطنية، بل مقايضات، وصفقات الأمر الواقع، فقد دخلت «أمريكا عصر اللاعقل»، كما يقول جوناثان كيرشنر، أستاذ العلوم السياسية، وصاحب مقال «ظل ترامب الطويل» ، ولم يكن فيليب جوردن، صاحب كتاب «خسارة اللعبة الطويلة» مبالغا عندما قال خلال الحملة الانتخابية، كمستشار الأمن القومى للمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، «إن ولاية ثانية لترامب ستجعل ولايته الأولى تبدو معتدلة وحكيمة» وهذا ما حدث فعلا!. لقد استبدل ترامب حل «الدولة الواحدة» بحل الدولتين»، حيث المعادلة فى سياسته بالشرق الأوسط قائمة على الخلل، والاختلال، والاحتلال، فنيتانياهو يدمر فى غزة، وترامب يشترى ويعمر.. نيتانياهو يقول إنه يعمل لكى «تكون إسرائيل دولة عظمى عالمية مزدهرة وقوية»، وترامب يهديه كل ما يلزمه من أسلحة، ومال، ودعم سياسى، وأخيرا يهديه «حل الدولة الواحدة» (إسرائيل الكبرى على أرض فلسطين من البحر إلى النهر)، وتلك «فانتازيا» سياسية، لكنها بالغة الخطورة، فكيف يمكن إلغاء الشعب الفلسطينى فى الضفة، والقطاع، والشتات؟!