2023حكاية فكرةمقالات الأهرام اليومى

صدام.. «هندى»!

السبت 9 من شوال 1444 هــ
العدد 49817
صراعات الهوية لا تتوقف منذ كليوباترا فى القرون الماضية إلى الرئيس العراقى الراحل صدام حسين فى العصور الحالية، وتستخدم ألعابا سياسية من قوى مختلفة، وكأنه كان ينقص إلهاب الأعصاب فى العراق البحث عن هوية جديدة لصدام حسين، الذى أُعدم فى ليلة عيد الأضحى المبارك بحكم أصدرته محكمة عراقية منذ ٢٠ عاما، وذلك بعد أن وقع العراق تحت الاحتلال الأمريكى فى سنة 2003، والذى أزاح حكم صدام بعدوان مباغت، وبتهم بالية لم تصمد تاريخيا، وأزاح حزب «البعث» العراقى من السلطة، ومن يومها أطلت بين ثنايا الاحتلال الطائفية البغيضة (هذا سنى، وذاك شيعى، وهذه كردية، وتلك يزيدية) وغيرها من المسميات الدينية، وكأنه كان ينقص الخطاب المذهبى، أو الطائفى، فى العراق أن نفجر صراع العرقيات (هذا عربى، وذاك هندى، وفارسى، وتركى)، علما بأن العراق عاصمة الخلافة الإسلامية، واجتمع، وعاش بها المسلمون من كل بقاع العالم.

 فى تصورى أن الرئيس العراقى الراحل صدام حسين لم يكن طائفيا على الإطلاق، قل فيه ما شئت من مسميات  (ديكتاتور مثلا)، لكنه كان يمقت الطائفية، ولم تكن طائفته السنية ميزة فى عهده، رغم أنها ظُلمت بعد رحيله، واُتهمت بما ليس فيها على الإطلاق، لكن فجأة، ومن فوق المنبر يعلن «قيس الخزعلى»- وهو للعلم زعيم ميليشيا، وطائفى حتى النخاع، ويطلق على جماعته «عصائب أهل الحق»- أن صدام حسين لم يكن عربيا، وأنه هندى!، واهتدى هذا الخبير الطائفى بالأنثروبولوجيا (دى. إن. أيه)، وهى علم يحدد الجينات، ولم يحدد حتى الآن الأجناس! 

 إن صدام حسين (العروبى») فجأة أصبح هنديا عند الخزعلى!.. هو لم يدرك خطورة ما يقول، ليس على صدام، فهو رحل، وفى ذمة الله، وإنما على عشيرته، وأهله، الذين يعيشون فى العراق، ويريد أن ينزع عنهم رداء العروبة، فهم، من وجهة نظره، ليسوا عربا، أى أنهم ليسوا عراقيين، ومن حقه أن يطردهم من العراق، وينزع عنهم الجنسية.

أعتقد أن حكومة العراق من حقها أن تجرم هذه الأفكار، والدعاوى التى تقسم الشعب الواحد قبل أن يستفحل ضررها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى