2023حكاية فكرةمقالات الأهرام اليومى

خُدَّج غزة فى العريش!

الأربعاء 8 من جمادي الأولى 1445 هــ
العدد 50024
مذبحة الأطفال فى غزة فصولها تتوالي، وآخرها الأطفال المبتسرون حديثو الولادة الذين لم يكتمل نموهم فى أرحام أمهاتهم وجاءوا للدنيا قبل تمام الأيام، أو الأوان (الخُدَّج)، حيث يقتل الاحتلال الإسرائيلى الأطفال، ولم يرحم ضعفهم وهم فى الحضّانات، فيهدم المستشفيات على رءوسهم، وأمهاتم، كما لم يرحم المرضي، وأصحاب الاحتياجات الخاصة، وكبار السن، ومستشفيات الشفاء، والإندونيسي، والمعمدانى شاهدة على وقاحة آلة الدم الإسرائيلية.

ما يحزننى أن الأطفال الخُدّج لم يصلوا بعد إلى أشهر البكاء حتى يعبروا عما يؤلمهم، ولكن أسرهم، وأهاليهم، بل منطقتنا كلها تبكي، وتصرخ نيابة عنهم بحثا عن الإنسانية المفقودة، أو حقوق الإنسان التى يتشدقون بها فى «المنظمات» التى ترفع لواءها القوى الكبري، والتى تقف عاجزة أمام آلة الحرب الإسرائيلية التى أعماها الانتقام فلا تفرق بين مستشفي، ومدرسة، أو مخيم للإيواء، وبيت، وبين طفل، وشيخ، فهى تبحث فى الظلام عن الانتقام والكراهية فقط،

لقد وصل أبناؤنا (الخُدَّج) إلى مدينة العريش، ونقلوا فورا فى سيارات إسعاف مبادرة «حياة كريمة» إلى مستشفى العريش، حيث كل طفل فى سيارة ومعه مسعف، وطبيب، وكانت مصر فى هذا المشهد تقول للجميع «كل إنسان له كرامة، وله حقوق، وكل طفل وصل إلى هذه الحياة يجب أن يحصل على حقه فى البقاء، ولا يُترك لآلة الحرب التى تقودها الكراهية، والانتقام، وتقتل بوحشية فائقة. لقد كان الضمير المصرى يقظا، ولايزال، وقادرا على إدارة العمليات بالسياسة، والإنسانية، وإعلاء القيم، حيث وقفت مصر كلها (الرسمية والشعبية) لتستقبل أبناءها المبتسرين القادمين من غزة تحت هول العدوان.. استقبلتهم مع ذويهم فى العريش، وكان المشهد بمثابة رسالة اطمئنان بأن مصر كلها تحتضن غزة بكل الوعي، والإنسانية، وتحمى القضية الفلسطينية، وتمنع التهجير القسرى للفلسطينيين لحماية أراضيهم، وفى الوقت نفسه تحتضن المرضي، والأطفال، وتدفع بالمساعدات العاجلة لأهالى غزة.. ومعبر رفح، ومطار العريش مفتوحان لاستقبال المساعدات للأشقاء، فكل التحية للعقل المصرى القوى الذى يدير هذه الأزمة المعقدة، والفاصلة فى أصعب، وأدق، وأخطر الأيام على القضية الفلسطينية، إن لم تكن على مستقبل العرب جميعا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى