2023حكاية فكرةمقالات الأهرام اليومى

‏ما بعد الهدنة..!

السبت 11 من جمادي الأولى 1445 هــ
العدد 50027
هى ليست حربا، بل مجزرة ضد المدنيين، وتدمير ممنهج للأرض، والشجر، والإنسان، والحيوان، يقودها المتطرفون الإسرائيليون الذين لا يضعون حدا لخسائر الأرواح، والذين تسود بينهم سوداوية لا حد لعدميتها، وروح الانتقام، والكراهية، غير مبالين بأوضاع الضعفاء، من النساء، والأطفال، والشيوخ، والمرضى، وذوى الاحتياجات الخاصة، فهذه النوعية التى تصل إلى الكوارث ما بعد الحروب لن تربح لا اليوم، ولا غدا، فهى خاسرة.

حتى لا أكون متشائما، فإننى أتطلع إلى الهدنة التى بدأت أمس أن تكمل، وأن تكسر حدة الهمجية، والانتقام، والانتحار، وتتجه إلى مرحلة جديدة سوية، ولتكن تدريجية، لأن هذه الحرب أعادت، بل أصلّت فى المنطقة العربية روح الكراهية التى سادت عقودا بين العرب والإسرائيليين، وتجاوزت خسائر الحرب التى تخطت يومها الأربعين خسائر النكبة الأولى فى ٤٨، والنكسة ما بعد ١٩٦٧، بل أسقطت مراحل، وعقودا من السلام، والتطلع إلى حل الدولتين بعد اتفاقيات للسلام مع مصر، والأردن، ثم أوسلو، ومدريد، وعودة السلطة الفلسطينية إلى رام الله.

أعتقد، بل أجزم، أن حالة الهدنة، التى بدأت أمس لمدة 4 أيام، سوف تجعل قوة العالم العاقلة تمتد لتجاوز كارثة هذه الحرب، وتفتح أبواب الأمل أمام الشعب الفلسطينى المظلوم، والمضطهد منذ عقود طويلة، والذى تكررت على جيله الراهن فى الأيام الماضية نكبة، ونكسة جديدة، خفف منها وقوف مصر فى ظهره، وحشد المجتمع الدولى سياسيا لعدم التهجير القسرى للفلسطينيين من أراضيهم مرة أخرى للحفاظ على ما تبقى لهم من أراض، والذى لا يتجاوز ٢١٪ من فلسطين التاريخية.

يجب على المتطرفين فى إسرائيل إدراكهم بوضوح أنهم فى حاجة إلى قيام دولتين، وأن فكرة استيلائهم على الأراضى الفلسطينية فكرة غير عقلية، ولنبدأ من جديد بوعى لجعل مجزرة، أو حرب ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ نقطة بدء لإزاحة التطرف، والإرهاب، وأن يجلس كل الأطراف على طاولة المباحثات السياسية بوعى بضرورة قيام الدولة الفلسطينية.. وقليل من الوعى، سوف ندرك أن الهدنة هى الطريق نحو السياسة، ونحو التعايش المشترك، فلن يستطيع أحد مهما يبلغ من القوة، والمنعة أن يلغى الآخر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى